للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهند وعبر نهر الكنك، (١) وأوقع ببلاد الهند وقائعَ عظيمة. فلما رأى ملوكُ الهند أن لا قِبل لهم بمقاومته، اجتمعوا على أن يراسلوه في الصلح، وبذلوا الطاعةَ له، فتم له استصفاء بلاد الهند في سنَتَيْ ٤٠٩ و ٤١٠ هـ، وصارت بلاد إسلام.

واعلم أن يمينَ الدولة محمودًا لم يكن في أعماله خِلْوًا عن إرشاد علماء الشريعة؛ فقد كان من أكبر مرشديه الإمام الجليل الأستاذ أبو حامد الإسفراييني أحمد بن أبي طاهر الفقيه الشافعي المتوفَّى سنة ٤٠٦ هـ، وهو الذي توسط لدى الخليفة القادر بالله في ولايته كورة (٢) خراسان وما إليها، وتلقيبه يمين الدولة. وقد جاء في التقليد الذي صدر له من دار الخلافة هذه الفقرة: "وليناك كورة خراسان، ولقبناك يمين الدولة بشفاعة أبي حامد الإسفراييني". (٣)

[[المائة الخامسة]]

وكان من جملة العلماء الذين اتصلوا بيمين الدولة أبو القاسم عبد الله القَفَّال (٤) المروزي، الفقيه الشافعي المتوفَّى سنة ٤١٥ هـ، وهو الذي صلى بحضرته صلاةً لا تصح إلا على مذهب الشافعي - والشافعي موافقٌ فيها للجمهور - وصلاة تصح على مذهب أبي حنيفة، فرأى السلطان ذلك كافيًا في ترجيح مذهب الشافعي في نظر


(١) هو نهر الغانج (Ganges) ومن أهم أنهار الهند، ينبع من جبال الهملايا بشمال الهند ويصب في خليج البنغال، ويبلغ حوضه حوالي تسعمائة وسبعة آلاف كيلومتر مربع. ونهر الغانج هذا واحد من بين سبعة أنهار مقسة عند الهندوس، إليه يحجون ليغتسلوا من أوزار الحياة الدنيا، بما في ذلك القضاء موتًا فيه.
(٢) الكُورَة: الصُّقع والبقعة التي يجتمع فيها قري ومَحال، تُجمع على كور. وهي تقابل مصطلح المحافظة في زماننا.
(٣) لم يتيسر لي توثيق هذا المرسوم. انظر ما تقدم ص ٨٥ شفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) هو أبو بكر عبد الله بن أحمد بن عبد الله، المعروف باسم القفال المروزي، ولد عام ٣٢٧/ ٩٣٩، وتوُفِّيَ عام ٤١٧/ ١٠٢٦. إليه تُنسب طريقةُ الخراسانيين في الفقه، له عدةُ تصانيف في الفقه، منها شرح فروع ابن الحداد.

<<  <  ج: ص:  >  >>