للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثلُه رُوِيَ عن مالك في التمهيد وفي المدارك لعياض. (١) وروينا عن عبد الله بن المبارك: "إن الإسناد من الدين، ولولا الإسنادُ لقال من شاء بما شاء". (٢) وقال عبد الرحمن بن مهدي: "خصلتان لا يستقيم فيهما حسنُ الظن: الحكم والحديث". (٣)

وعلى هذه الطريقة جرى الأئمةُ المشهود لهم بتمام الضبط، مثل أصحاب مالك، كعبد الله بن المبارك وابن مهدي، ومن أصحابهم كالإمامين البخاري ومسلم. وأنا أرى التحري أولَى بالمسلمين، فقد طفحت عليهم الروايات، فكانت منها أدواءٌ وطامات.

فإذا كنا متفقين في طريقنا من تغليب جانب التحرِّي، فالمراجعةُ سهلة، ولو لاح الخلافُ في أول وهلة. وإن كان كلٌّ ينحو إلى منهج من ذينك المنهجين، فالاختلافُ في الفروع تبعٌ للخلاف في الأصول، فلنتمسك بوثاق الود، ولا نهتم باختلاف الأوهام والعقول.

[المراجعة التفصيلية]

ثم إن استقراء كتاب "فتح الملك العلي" بلغ بي إلى حصر مدارك الخلاف بيننا في ستة طرق مما سلكتموه:

الطريق الأول: أن كثرة الرواة عن أبي الصلت ترونَها موجبًا لتعديله، وأنا أرى أن كثرةَ الرواة عن المطعون فيه ليست بالتي تفلته من سهام الطاعنين. وأنتم تعلمون أن أهلَ الصحيح والحسن يتوقفون في الرواية عن أحد بقولهم "تُكلِّمَ فيه"، فكيف والذين روَوْا عن أبي الصلت كلُّهم متكلَّمٌ فيهم؟


(١) المصدر نفسه، ص ٣٤٢؛ اليحصبي: ترتيب المدارك، ج ١، ص ١٢٣.
(٢) الخطيب البغدادي: الكفاية، ص ٣٤١.
(٣) المصدر نفسه، ص ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>