للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما مذهبُه في الفروع، فقد تردد الشيخُ النجار في كونه من أتباع المذهب الحنفي أو من أتباع المذهب الشافعي، وقد كان كلا المذهبين فاشيًا في جهات خوارزم. وإن أمثالَ السكاكي من العلماء الذين ليس لهم حظٌّ معتبرٌ في إتقان علوم الفقه ولا تأليف. ولقد يكثرُ أن يتجاذَبَهم أتباعُ المذاهب الفقهية إلى حظائر مذاهبهم: يكون ذلك لمجرد التردُّدِ في تقليدهم، ويكون لأخذِهم العلمَ عن علماء من المذهبين.

على أنَّ من أساطينِ العربية مَنْ لا يُعرف مذهبُه، فهذا سيبويه إمام النحاة لا يُدرى أكان مالكيًّا أم شافعيًّا أم حنفيًّا؛ لأن المذاهب الثلاثة في زمانه كانت فاشية في العراق. وهذا الإمام الأشعري قد تجاذبه المالكيةُ والشافعية، وترجم له في طبقات المذهبين، والتحقيق أنه كان مالكيا. ومثلُه الإمام أبو بكر الباقلاني، فقد ذُكر في طبقات علماء المالكية، وفي طبقات علماء الشافعية، والتحقيقُ أنه كان مالكيا.

وقد كان السكاكيُّ معدودًا من فطاحل علماء الكلام، ومواضعُ من كتابه شاهدةٌ بذلك، وطريقتُه في العربية هي الطريقةُ البصرية، أعني طريقةَ سيبويه وأتباعه، وهم الذين يعنيهم في كتاب "المفتاح" بقوله أصحابنا.

[العصر الذي ألف فيه "المفتاح"]

كان ذلك في خلافة الخليفة الناصر لدين الله، وقد قال في أمثلة الحالة المقتضية ذكر المسند إليه: "والناصر لدين الله خليفتنا، والدعاء والثناء عليه وظيفتنا" (١) وقد دام الناصر لدين الله في الخلافة سبعًا وأربعين سنة من سنة ٥٧٥ هـ إلى سنة ٦٢٣ هـ.


(١) السكاكي: مفتاح العلوم، ص ٣٠٨ (نشرة هنداوي).

<<  <  ج: ص:  >  >>