حمدًا لمن نظم جواهر البلاغة بأسلاك البيان، وألهم كل بليغ لمقتضى الحال والشان، وأكرم من شاء بفضيلة الإحسان، والكلم الحسان، وصلاة وسلامًا على سيدنا ومولانا محمد أفصح من نطق بالضاد من بني مَعَدِّ وعدنان، المؤيد بالقرآن، الذي أعجز مصانع البلغاء من قاص ودان، فلم يكن لهم في معارضته يدان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الفصحاء الجلة الأعيان، وبعد:
فقد أجلتُ النظرَ في غضون هذه الرسالة الوجيزة، والدرة الثمينة العزيزة، فوقفت منها على روضة زاهرة زاهية، قطوفها دانية، لا تسمع فيها لاغية. فيها من تقريب العبارة، وتوضيح الإشارة، ما تتلقاه المدركة بمجرد الالتفات، ولا تخشى فيه الحافظة الفوات، معززة القواعد بمختارات الشواهد، وفرائد الفوائد، إلى اعتبارات لطيفة، وتحقيقات شريفة، وإنها لتبصرة للناشئين، وتذكرة للشادين والمتبصرين، جديرة بالتخصيص لأن تكون مبدأ لدراسة التلخيص، حسنة من حسنات ذلك الهمام، ناشر ألوية العلوم، وكشاف غوامض المفهوم، مدبج صفحات المهارق ببدائع التحبير والتحرير، العلامة الجهبذ الأستاذ الدراكة النحرير، صفوة الخيرة أبي عبد الله الشيخ سيدي محمد الطاهر ابن عاشور شيخ الإسلام المالكي أدام الله فضله، وكم له في الفنون من يد حميدة، ومصنفات رائقة مفيدة، متع الله الأمة بمواهبه العلمية، ومحرراته العبقرية، بمنه تعالى وكرمه.