للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب الذي هم به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبيل وفاته (١)

كان من شنشنة المرشدين - الأنبياء والحكماء - التهمم بتخطيط نظام لأقوامهم في الأحوال العسيرة، خيفة أن تعرض لهم العقبات الكؤود فلا يجدوا لاقتحامها جهودًا ولا حيلة، وما حيلة من يسلك مهمًا افتقد فيه دليله؟ وأشد ما تنصرف إليه هممهم أن يجعلوا من الإرشاد نبراسًا يضيء لهم في ديجور فقدهم مرشديهم.

لذلك كان من سنن الأنبياء والحكماء أن يثبتوا وصايا تحرض أتباعهم على ما فيه صلاحهم، أو تحذرهم مما يفضي إلى اختلال أحوالهم في النوائب التي كان من دأبهم عند اعترائها أن يهرعوا إليهم للاقتباس من هديهم المعصوم، أو من تدبير آرائهم الراحجة. فإذا فرض أن تحدث تلك النوائب بعد وفاتهم، [فإنهم] يتركون ما يأملون أن يكون إليه مفزع الأمة وفي معاقله معتصم لهم حتى يكون النفع مستمرًّا في حياتهم وبعد انتقالهم إلى أمد مقدر.

وإذ قد كان من المتعذر في طرق الإرشاد البشري إحاطة البيان بكل ما يُتوقَّع حدوثُه، كان شأن المرشدين انصراف وصاياهم إلى أهم ما به الصلاح والنجاح من الكوارث المبيدة، وما يكون الالتباس فيه يستنزل بالأمة الضلال والخسران. وإن آخر ما يقرع السمع من كلام القدوة المحبب إلى أمته وقعًا من نفوسهم يحرصون


(١) نشر في قسمين بمجلة الهداية الإسلامية، المجلد ١٢، الجزء ١١، جمادى الأولى ١٣٥٩/ يونيو ١٩٤٠ (ص ٣٣٧ - ٣٤٢)، المجلد ١٢، الجزء ١٢، جمادى الثانية ١٣٥٩/ يوليو ١٩٤٠ (ص ٣٧١ - ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>