للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الأول: في ما هو الترادف وتحقيقه]

أختار أن أَحُدّ المترادف بأنه "لفظ مفرد دالّ بالوضع على معنى قد دل عليه بالوضع لفظ آخر مفرد يخالفه في بعض حروفه الموضوع عليها بحيث تنطق به قبائل العرب كله، إذا شاءت، أو ألفاظ مفردة كذلك بشرط استقلال تلك المفردات في الاستعمال وفي الدلالة".

فقولِي: "لفظ" يشمل الاسم والفعل والحرف، وقولي: "دال بالوضع على معنى"، أردتُ به أن يفيد بأصل الوضع مفهومًا معينًا؛ لأن الدلالةَ هي ما ينشأ عن وضع اللغة، إذِ الوضعُ قد فسروه بأنه جَعْلُ اللفظِ (١) دليلًا على المعنى، وسنوضح كيفيتَه. وقد خرج عن ذلك استعمالُ الألفاظ في معان مجازية أو كنائية؛ لأن ذلك الاستعمال دالٌّ بالقرينة المانعة أو المعينة.

وقولِي: "قد دل عليه بالوضع لفظ آخر"، جملةٌ هي صفة لمعنى. وإنما عبرتُ فيها باللفظ دون الكلمة؛ لأنِّي أردتُ كلَّ ما يدل على معنى في العربية، لكي لا يظن ظانٌّ أن المترادف لا يكون إلا بين الكلماتِ المختلفة في حروف مادة الاشتقاق، كما يسبق إلى أذهان الباحثين فيقصرون الترادفَ على الكلمات المفردة، مثل القمح والبر، ومثل الذهب والعسجد. والصوابُ أن الترادفَ أوسعُ من ذلك، فإن الصيغَ المختلفةَ الدالَّةَ على معنى واحد - أي المؤديةَ مؤدًّى واحدًا - هي من المترادف، كدلالة صيغ جمع السلامة، وجمع التكسير على مطلق الجمع، ودلالة الجموع المتعددة للمفرد الواحد على الجمع في التكسير أو التقليل.


= المعتز بالله الخليفة العباسي: ديوان أشعار الأمير أبي العباس، تحقيق محمد بديع شريف (القاهرة: دار المعارف، ١٩٧٨)، ج ٢، ص ١٨٥ (وفيه و"انظر" عوض "فانظر").
(١) في الأصل: "بأنه قد جعل اللفظ دليلًا على المعنى"، وقد حذفنا أداة التحقيق "قد" لكي يستقيم الكلام، وإن كان يمكن تصويب العبارة بقراءتها على النحو الآتي: "بأنه قد جُعِلَ اللفظُ دليلًا على المعنى"، ولكنها قراءة فيها تطويح لا طائل من ورائه ولا تناسب دقةَ التعبير عند المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>