فيحصل بذلك أثران في مؤثر واحد. ومن شأنهم فيما يصنعونه من الأخبار أن يدُسُّوا فيها ذكرَ أمارات تناسب زمانَهم، أو حالَهم، أو أنسابَهم، أو مواطنَهم، أو اسمَ أحل من أئمتهم، ليتبين كونُهم المقصودَ من ذلك الخبر، فإن أعوزهم ذلك لقَّبوا بعضَ دعاتهم بألقاب تواطئ ما سبق من الأخبار.
[[أنواع الآثار المروية في المهدي]]
ولقد تصفحنا أنواعَ ما يعدونه لهذا الغرض، فإذا هي ثلاثة أنواع:
النوع الأول: آثارٌ مروية يرجعونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
النوع الثاني: أخبارٌ غيبية يكتبونها بأيديهم، ويَعْزُونَها لِمَنْ يُنسب إليه الكشفُ أو التنبؤ بالغيب، ثم يثبتونها في العامة ويعبرون عنها بالأجفار؛ لأنها تُكتب في رق جفر - وهو الصغير من أولاد المعز.
النوع الثالث: أخبار اضطهاد فيها مبالغاتٌ أو مختلقةٌ من أصلها، من شأنها أن ترقِّقَ قلوبَ سامعيها على الجانب المضهود، علمًا بأن النفوس تميل إلى الضعيف وإن ابتدأ بالظلم، وأن النفوس تتأثر بالشيء المشاهد، ولا تلتفت إلى ما غاب عنها بتعاهد.
فإن تحققت أمانيهم من هذه الثلاثة فذاك، وإن خابت اختلقوا أخبارًا يحيون بها لأنصارهم الأملَ ويدفعون بها عنهم الفشل حتى يعود نهوضُهم بعد دهشة الانهزام، وحتى لا تنقطع آمالُهم في مستقبل الأيام. لما سُقِط في أيدي شيعة الهاشميين كما قلنا، جعلوا الأمرَ لِمَنْ بقي من أبناء أمير المؤمنين سيدنا علي - رضي الله عنه -، وهو السيد محمد الملقب بابن الحنفيَّة، (١) وزعم غلاتُهم أنه لم يمت ولا يموت حتى ينصر
(١) هو أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، الهاشمي القرشي، من آل البيت. أمه خولة بنت جعفر الحنفية، وينسب إليها تمييزًا له عن أخويه الحسن والحسين، ويكنى أبا القاسم، حيث أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لولد من علي بن أبي طالب أن يسمى باسمه ويكنى بكنيته. ولد في خلافة عمر بن الخطاب سنة إحدى وعشرين للهجرة، كان ورعًا، واسع العلم، ثقة. له عدة أحاديث في =