للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واجب المسلمين أن يقتنعوا بهداية الإسلام (١)

إن نعمة الاستقلال التي حظيت بها الأمم الإسلامية جميعًا فخرجت بها من تحكم الأجانب عنها قد زحزحت عنها ستار الانعزال الذي كان مضروبًا بينها، فأصبحت بحاجة إلى تعرف الانتساب والمقارنة بين أحوالها في دعائم الحضارة ونظام الاجتماع الإسلامي، وسبر البون بين بعضها وبعض في تفاريع ذلك، مما لا تخلو عن التفاوت فيه الأشياءُ المتماثلة والمتآخية، فمثل حالهم في ذلك مثل قول أبي الأسود الدؤلي:

فَإِنْ لَا يَكُنْهَا أَوْ تَكُنْهُ فَإِنَّهُ ... أَخُوهَا غَذَتْهُ أُمُّهُ بِلبَانِهَا (٢)

لِيْستيقِنِ الذين تجمعهم هذه الأخوةُ أن وشائجَ الاتصال بينهم وشائجُ عريقةٌ عميقة، لا يُخشى عليها الذبول، ولا يقتلعها الدخل، وأنَّ حَقًّا على الجميع تغذيتُها لتزدهر، وحظوُها لتزهر، فينتشر شعاعُها، ولا يُخشى انقطاعُها. وليست هذه الجوامعُ بمجرد كلمات تقال، أو عناوين يزين بها الكلام، ولكنها دعائمُ متينة، وطُنُبٌ وثيقة، أُقيمت عليها قبةُ المجد التي أشادتْها يدُ الإسلام، فجعلت من المنضوين تحت لوائه جامعةً متماثلةً أصولُ أحوالها في الفكرة والأخلاق والعوائد والانتهاج.


(١) جوهر الإسلام، العدد ٦، شعبان - رمضان ١٣٨٨/ نوفمبر ١٩٦٨ (ص ٦ - ١٠).
(٢) ديوان أبي الأسود الدؤلي، صنعة أبي سعيد الحسن السكري، تحقيق محمد حسن آل ياسين (بيروت: دار ومكتبة الهلال، ط ٢، ١٩٩٨/ ١٤١٨)، ص ١٦٢، و ٣٠٦. وقد جاء عجز البيت في الديوان مختلفًا عما أورده، ففي الرواية الأولى: "أَخٌ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهَا بِلبَانِهَا"، وفي الثانية: "أَخٌ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ بِلبَانِهَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>