إسماعيل التميمي عن مشائخه، ولم يذكر الشيخ مستندَه في ذلك هو، ولم نطلع على كلامه هذا إلا بعد وفاته رحمه الله، ففاتنا أن نراجعه في ذلك. وقد كان الشيخ حيًّا في وقت صدور التقدير المحرَّر عني وسنين بعده، ولم يغير ذلك هو، ولا راجعني فيه أحدٌ من أهل العلم. (١)
والتحقيقُ أن صاعَ تونس الذي كان معروفًا قبل تغيير المكاييل يسع ثلاث ليترات وثلث الليترة، وإن شئت قلت ثلاث ليترات وسبعة أجزاء من تجزئة الليترة إلى عشرين جزءًا، فيزيد على ما يسعه الصاع النبوي بمقدار ليترة واحدة وثلاثة أعشار الليترة. فالصاعُ التونسي هو مقدارُ صاعٍ وثلث بالصاع النبوي، وهذا يوافق الاحتمالَ الثاني في عبارة الشيخ إسماعيل التميمي، وأن الأربع الحفنات المرجوع إليها في تقدير الصاع النبوي لا تملأ صاعًا تونسيا.
[خاتمة]
إن مكاييلَ بلاد الإسلام أو معظمَها خالفت الصاعَ النبوي منذ أزمان عتيقة، وكانت الغفلةُ عن ضبطه تغر أهلَ بلاد المغرب، يحسبون أن كلَّ صاع يأتيهم من المشرق هو صاع نبوي.
(١) جاء عند هذا الموضع من الكلام التعليقُ الآتي لجامع فتاوى المصنف (فتاوى الشيخ الإمام، ص ٢٨١، الحاشية رقم ١): "لكن الشيخ إسماعيل التميمي توُفِّيَ سنة ١٢٤٨/ ١٨٣٢، وذلك قبل ميلاد الشيخ الإمام". وهذا التعليق لا محلَّ له، وإنما ورط فيه هذا "المحقق"؛ لأنه أسقط جزءًا من كلام المصنف ذكر فيه أستاذَه الشيخ سالم بوحاجب وخطبته الجمعية وما جاء فيها من تقديره لزكاة الفطر. ولذلك وهم صاحبُ التعليق أن المصنف يشير إلى الشيخ إسماعيل التميمي، وإنما كلامُه في الحقيقة عن الشيخ بوحاجب، فهو مقابلة لما قرره الثاني في خطبته بما جاء في مسائل الأول. وهكذا العجلة وقلة الروية عندما توردان صاحبهما، فيصبح التحقيق مجرد كلمة لا معنى لها ودعوى لا تحصيل وراءها.