للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقضي على الإسلام بالممالك الهندية التي تحوي ملايين عظيمة من المسلمين. (١)

ولكنه ما لبث أن توُفِّيَ سنة ١٠١٤ هـ، وخلفه في سلطنة الهند ابنُه سليم جهانكير، وعندما وَلِيَ نبذ طريقةَ أبيه في أمور الدين، واعتصم بالإسلام وبمذهب أهل السنة وانتصر له، فأنقذ الله به الإسلامَ في الشرق كما أنقذه في الغرب بالسلطان أحمد خان الأول. فإذا صح ما ورد في أخبار أكبر شاه ولم تكن مبالغة، فإن ابنه سليمًا جهانكي جديرٌ بأن يُعَدَّ مجدِّدًا أيضًا على رأس المائة الحادية عشرة من وقت إخبار الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم - (٢)

[[انحلال الجامعة الإسلامية وتزايد الفتن]]

ما كانت الأدواءُ التي انتابت هيكلَ الجامعة [الإسلامية] في القرن الحادي عشر الهجري بالتي تتركه سليمًا من أخطار تنخر عظمه، وتنزف دمه، وتشرف به على الهلاك. وبإجالة نظرةٍ واسعة على تاريخ الإسلام في ذلك القرن، نرى حالةً هي أعصبُ الأحوال التي عرضت للمسلمين عامة. فلقد تفككت الجامعةُ الإسلامية في كل مكان بما اعتراها في دخيلتها من فتن الثوار، وانقسام الأهواء، واضطراب الحياة الاجتماعية، وفقدان الأمن في سائر البلاد شرقًا وغربًا. فقد تضاءل نورُ العلوم، وحل الفساد في الأخلاق، وساد المسلمين الوهنُ وحبُّ الدعة، وغشيت


(١) انظر تحليلًا تاريخيًّا وفكرِيًّا عميقًا لعهد الملك أكبر شاه وللعوامل التي أثرت في شخصيته وأدت إلى حدوث تقلبات في فكره وسلوكه وعرضًا شيقًا لما قام به في الكتاب الماتع للعلامة الشيخ أبي الحسن علي الحسني الندوي: رجال الفكر والدعوة في الإسلام (دمشق/ بيروت: دار ابن كثير، ط ٣، ١٤٢٨/ ٢٠٠٧)، ج ٣ - ٤، ص ٨١ - ١٣٣.
(٢) قلت: لو أن المصنف عليه رحمة الله أتيح له الاطلاع على سيرة الشيخ أحمد السَّرهندي سليل النسب الفاروقي (نسبة إلى الفاروق عمر بن الخطاب) والتعرف على فكره التجديدي وحركته الإصلاحية بما أدى إلى عودة الروح والأصالة الإسلامية إلى مسلمي الهند، لما تردد في عده هو المجدد. انظر في ذلك: الندوي: رجال الفكر والدعوة في الإسلام، ج ٣ - ٤، ص ١٣٧ - ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>