إن من بواعث الابتهاج شهودنا هذا الحفل الزاهر الناطق بما بلغ إليه شعور الزيتونيين بحق الأمانة التي ألقى بها نحوهم معهدهم العظيم. فهذا الاجتماع اليوم هو مظهر لحسن استعداد جميع القوى الزيتونية للأخذ بعضد الاتجاه الإصلاحي ليبلغ أقصى مداه. فلقد يعد من التقصير في النظر أن يعتقد خريج هذا المعهد أن لعلاقته به حدًّا ينتهي إليه عند استكمال الطلب والفوز بالشهادات والانتقال إلى ميدان العمل الاجتماعي في المناحي القضائية والإدارية والحرف الحرة، مع أن واجب الاعتراف بالجميل يفرض عليه في خدمة العلم الذي فاز منه بالشرف الذاتي وصلة المعهد الذي هيأه له سمو منزلته الاجتماعية واجبات لا تقل عن واجبات العاكفين فيه على بث العلم وتحقيقه.
وبإلقاء نظرة على تاريخ العصر الماضي يتبين ما يقتضيه حق هذا المعهد من أبنائه المبثوثين في مختلف فروع الحياة من معاني الفخر التي يؤدونها إليه بحسن سلوكهم في مناهج الشرف التي فتح لهم أبوابها إذا كان رائدهم حفظ سمعة هذا البيت الذي يعتزون إليه والإعانة على اشتهارها.
فما كان فخرُ جامع الزيتونة بشيوخ الشريعة وأساطين التدريس في عديد الأجيال بأعظم من فخره بخريجيه من كبار الوزراء، وعظماء الكتاب، ومشاهير الحكام والمحامين، ورجال الصحافة والاقتصاد. وما يضاعف ابتهاجَنا أن يكون ذلك