خطاب في الذكرى السنوية الأولى لعودته إلى مشيخة الزيتونة (١)
سبحان من شرف من شاء بخدمة الإسلام تعليمًا ونشرًا، وأفاض على أهل العلم من نعمه فيوضًا تترى، ورفع قدر نبيه محمد صلى الله عليه، فجعله داعيًا إلى الله وسراجَا، وواضعًا لبرهان الهدى تأصيلًا وإنتاجَا، وأيده بأصحابه الذين شادوا للدين هياكلَ ومعالم، ونفحوها من حياطتهم بهمم وعزائم، ورفعوا للأمة رايات هدى فبلغت كلمة الحق بأصداء رشدهم إلى أقصى مدى.
أما بعد فيا أيها الملأ الأعزة، لقد أبهجني وآنقني حلولي وسطكم في هذا الحفل المفعم أبناء وإخوانَا، تساموا للعلى كهولًا وشبانَا.
وفي هذه الساعات التي ما شاهدتُ فيها إلا وجوهًا تسفر عن طيب ضمائر، ولا سمعتُ إلا أقوالًا يظهر ما وراءها من صفاء السرائر، وإن ما يكنه ضميري نحوكم جميعًا لأضعاف ما تحويه سريرةُ كل قائل، وما عبرته عبارة كل متفائل.
أما عبارتي فأجدها قاصرة عن إيفائكم حق الشكر على ما وجهتموه نحوي من إفصاح عن التعلق وخير الآمال. وكيف تسع العبارة أداء شكر يوازي ما غمرني به المشكورون، ولا سيما أولئكم المقاويل البلغاء من خطباء هذا الحفل وشعرائه، جزاهم الله أحسن الجزاء، وشد ما بيني وبينهم من أواصر واعتزاء. فأرجوا أن أكون
(١) المجلة الزيتونة، المجلد ٦، الجزء ٨، ١٣٦٥/ ١٣٤٦ (ص ٤٨٩ - ٤٩٠). ألقى المصنف هذا الخطاب يوم ١ فبراير ١٩٤٦ في الاحتفال الذي أقامته "جمعية الإخوان الزيتونيين" بمناسبة الذكرى الأولى لعودته إلى مشيخة جامع الزيتونة وفروعه، وذلك بقصر الجمعيات.