تفطنت الصحافة الإنكليزية والأمريكية منذ عشر سنوات إلى ضرب جديد من النشر فتح كنزًا ثريًّا أمام أعين محبي الاطلاع، ومكن الجمهور من أفكار الذين لا تمكنهم ظروفهم من التفرغ لتدوين خواطرهم وأفكارهم، وكشف به لجمهور المستطلعين عن دخائل وحالات ما كان الأدباء يأبهون لتدوينها مع أنها من الأهمية بمكان. وذلك أنهم فتحوا باب الأحاديث مع كبار الهيئات وأصحاب الأشغال، أو المواهب الفكرية، وخصها بعنوان (ساعة مع. . . .) فمكنوا الجمهور من مطالعات عديدة ودراسات ما كانت تصله لولا ذلك الاختراع.
وقد تابعت أوروبا هاته الخطوات فظهر نفس هذا العنوان في الصحافة البلجيكية والهلندية والإيطالية. وقد برعت في تحليل شخصيات الأدباء بواسطتها وإطلاع جمهور المتأدبين على عناصر روحهم وطريقتهم جريدة "الأخبار الأدبية" أكبر الصحف الفرنسية المتمحضة للأدب.
ثم رأينا مجلة "الهلال" المصرية تفتح هذا الباب في العام الفائت، ثم تسدد خطواتها فتوفق في أحاديثها الاجتماعية والأدبية. ومع أننا عزمنا في فتح هذا الباب على تعقب سنة زميلتنا الفرنسية لتمكن عموم قرائنا في الشمال الإفريقي من نافذة
(١) نشر هذا الحوار في مجلة العالم العربي (التي كانت تصدرها مكتبة العرب بتونس)، العدد ٤، جوان [يونيو] ١٩٣٠، (ص ١٤ - ١٨) بعنوان "ساعة مع صاحب الفضيلة الأستاذ محمد الطاهر ابن عاشور: إصلاح التعليم في الجامع".