للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا سُمِّيَ به كتبوه بدون ألف، نحو الحارث ومالك، وكما كتبوا (على) بالإمالة لئلَّا تلتبس بفعل (علا) من العلو. وكذلك (بلى) حرف جواب، كتبوه بالإمالة لئلَّا يلتبس بفعل (بلا) بمعنى اخْتَبَرَ. وقال ابن جنّي: "حقُّ الحرف أن لا يُمال، وحق حتى أن تُكتب بالألف، ورأيتها مكتوبةً بالألف بخط محمد بن يزيد" (١)، (يعني المبرد).

[أثر المشترك في التخاطب]

للمشترك آثار في أدب العرب:

١ - منها التورية، وهي إطلاقُ لفظٍ له معنيان قريب وبعيد، قال عنترة:

جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ بِكْرٍ حُرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ قَرَارَةٍ كَالدِّرْهَمِ (٢)

البِكرُ (بكسر الباء): السحابةُ السابق مطرُها، والحرّةُ الخالصة من البرد. وقال المعري:


= الإنسان تتبع هيئة النفس الغائظة، كما أن عض اليد على اليد يتبع هيئة النفس النادمة فقط، إلى غير ذلك من عد الحصى والخط في الأرض للمهموم ونحوه. ويُكتب هذا العض بالضاد، ويُكتب عظُّ الزمان بالظاء المشالة". المحرر الوجيز، ج ١، ص ٤٩٧.
(١) لم أجد هذا الكلام المنسوب لابن جني لا في اللمع ولا في الخصائص ولا في المبهج له. ولكن وجدتُ له كلامًا يعبر عما ذكره المصنف، قال (في باب ذكر الفرق بين العلة الموجبة وبين العلة المجوز): "وضربٌ آخر يُسمَّى علة، وإنما هو في الحقيقة سبب يُجَوِّز ولا يوجب. من ذلك الأسباب الستة الداعية إلى الإمالة، وهي علةُ الجواز لا علة الوجوب. ألا ترى أنه ليس في الدنيا أمرٌ يوجب الإمالة لا بد منها، وأن كل ممال لعلة من تلك الأسباب الستة لك أن تترك إمالته مع وجودها فيه. فهذه إذًا علة الجواز لا علة الوجوب". الخصائص، ج ١، ص ١٩٢.
(٢) القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢١٤؛ ديوان عنترة، تحقيق ودراسة محمد سعيد مولوي (بيروت: المكتب الإسلامي، ١٩٦٤)، ص ١٩٦. هذا لفظ البيت كما رواه أبو زيد القرشي، ولفظه في الديوان:
جَادَتْ عَلَيْهَا كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ ... فَتَرَكْنَ كُلَّ حَديقَةٍ كَالدِّرْهَمِ
وقد أشار محققه في الحاشية إلى القراءة التي ساق بها المصنف البيت الذي ترتيبه الحادي والعشرون في المعلقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>