للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرفق بالحيوان في الإسلام (١)

هذا فرعٌ من فروع أصل الرحمة في الرسالة المحمدية المتأصل بقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧]، وقد ابتدأنا الكلامَ فيه في مقال مضى في عدد مجلة "جوهر الإسلام". (٢)

الرفق داخل في معنى الإحسان بحسب اللغة، والإحسانُ بمعناه اللغوي أصلٌ من الأصول المرعية في الإسلام اقتضاه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٩٥)} [البقرة: ١٩٥]، فهو عام في كل محسن، فيعم ما اعتبر إحسانًا في شريعة الإسلام. وليس في القرآن نصٌّ في خصوص الرفق والإحسان بالحيوان، ولكنه مشمولٌ لعموم "وأحسنوا". وذلك مُبَيَّنٌ في أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي هي بيانٌ للقرآن لقوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]. فتصرفاتُ الشريعة تُؤخذ استقراءً من السنة، كما تؤخذ من القرآن.

وأصلُ الرفق بالحيوان داخلٌ في عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة، ولْيُحِدَّ أحدُكم شفرتَه فلْيُرِحْ ذبيحتَه"؛ (٣) فإن قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على كل شيء" عام،


(١) جوهر الإسلام، العدد ٨، ١ ذو القعدة ١٣٨٨/ جانفي [يناير] ١٩٦٩ (ص ٣ - ٥).
(٢) وهو المقال المعنون "محمد - صلى الله عليه وسلم - رسول الرحمة"، وقد سبق في هذا القسم من الكتاب.
(٣) القِتلة والذِّبْحة، بكسر أوله، هيئة القتل وهيئة الذَّبْح. - المصنف. صحيح مسلم، "كتاب الصيد"، الحديث ١٩٥٥، ص ٧٧٧ - ٧٧٨؛ سنن الترمذي، "كتاب الديات"، الحديث ١٤٠٩، ص ٣٦١. واللفظ للترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>