الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه،
أما بعد، فقد عرض عليَّ الماجد الفاضل السيد مدير تحرير جريدة النهضة الغراء عددًا من جريدة الأهرام صادرًا في ٢٦ جمادى الثانية وفي أوت [أغسطس] الفارطين، ولفت نظري إلى ما نُشِر فيه من اقتراح قدمه السيد عبد الحميد عبد الحق - أحد أعضاء مجلس النواب المصري - بطلب إصدار قانون في تحجير انعقاد الوقف المعبَّر عنه بالأهلي (الحبس الخاص في اصطلاح أهل تونس)، (١) واستند لعلل ذكرها في اقتراحه الذي سنأتي على نصه. وسألني إبداءَ رأي من موافقة الأنظار الشرعية، أو معارضتها لِما تضمنه ذلك الاقتراح. وعلى تقدير أن لا يرى النظرُ مانعًا منه، فهل تنجرُّ مصلحةٌ للقطر التونسي إذا أُجري فيه مثلُ ذلك المقتَرَح؟
فأجبته لذلك متكلِّمًا على موقع الوقف وما ينشأ عنه من الآثار في الأمة الإسلامية، مع مسايرة اقتراح الفاضل عضو مجلس النواب من حيث ما اشتمل عليه من التعليل التشريعي والاقتصادي.
(١) هذا وكان قد سبق إلى الدعوة نفسها النائب في مجلس النواب المصري محمد علي باشا علوبة الأسيوطي حيث قدم في سنة ١٣٤٥ هـ اقتراحًا يطلب فيه "حل الوقف الأهلي، معللًا ذلك بما هو مترتب عليه من الأضرار العديدة، وأنه لا علاقة له بالدين الإسلامي"، الأمر الذي حدا بوكيل مشيخة الأزهر الشيخ محمد حسنين مخلوف بكتابة نقض لتلك الدعوى. العدوي المالكي، محمد حسنين مخلوف: منهج اليقين في بيان أن الوقف الأهلي من الدين (القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ١٣٥١ هـ)، ص ٢.