للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السند التونسي في علم متن اللغة (١)

محمد الفاضل ابن عاشور

كان علمُ متن اللغة - الباحث عن ضبط المباني، وتحقيق المعاني، لمفردات اللغة العربية - قد برز بروزَه الكامل من البصرة، إذ صُنِّف فيها أولُ كتاب جامع للغة، مرتَّب على ضبط اختلاف تركب الحروف المؤلفة منها الألفاظ، وهو كتاب "العين". وبغض النظر عما حول كتاب "العين" من احتمالات: أنه للخليل بن أحمد، أو لليث بن نصر أو لهما معًا (٢)، فلا شك في أنه وضعٌ بصريٌّ في أصله ومادته، وأن للخليل فيه يدًا، وهي اليد الأولى، إن لم يكن له فيه اليدان كلتاهما.

وسار علمُ متن اللغة، يتبع سير إخوته بقية علوم العربية: القراءات، والأدب، والنحو، والتصريف، والعروض. فأقام بين البصرة والكوفة، يتجاذبانه كما يتجاذبان سائر علوم العربية، حتى شبت علومُ العربية كلها عن ضيق النطاق الحاصر لها بين البصرة والكوفة، وسمت عن نزعة العصبية المفرِّقة بين المصرين، فآوت إلى بغداد في القرن الثالث.


(١) مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة، ج ١٩، ١٩٦٥ (ص ٧ - ١٧). وقد أعيد نشره في: الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: ومضات فكر، تقديم محمد الحبيب بن الخوجة (تونس: الدار العربية للكتاب، ١٩٨٢)، ج ٢، ص ١٩٦ - ٢١٢.
(٢) يراجع في ذلك كتاب المزهر للسيوطي من ص ٣٩ إلى ص ٤٤ ج ١ بولاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>