للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحيث كانت البلاغةُ يتصف بها الكلامُ باعتبار إفادته عند التركيب والإسناد، فلا جرمَ أن كان ملاكُ الأمرِ فيها راجعًا إلى ما يتقَوَّم به الإسناد، وكذلك كيفيات الإسناد والمسند إليه والمسند. ثم تتفرع البلاغةُ في متعلقاتها، من المعمولات وأحوال الجمل، وسيجيء كلُّ نوعٍ من ذلك في بابه.

[باب الإسناد]

الإسنادُ ضمُّ كلمة إلى أخرى ضمًّا يُفيد ثبوتَ مفهوم إحداهما لمفهوم الأخرى، نحو حاتم كريم وأكْرِمْ حاتِمًا، أو انتفاءه عنه، نحو: ما خالد جبانًا ولا تقاتل خالدًا، سواء كان بالتعيين أم بالترديد (١). وحكم ما يجري مجرى الكلمة نحو الضمير المستتر، والجملة الواقعة خبرًا حكم الكلمة (٢). فالكلمةُ الدالة على المحكوم عليه حكمًا ما تسمى مُسْنَدًا إليه، والكلمة الدالة على المحكوم به تسمى مُسْنَدًا، والحكم الحاصل من ذلك يسمى الإسناد. ولكلٍّ من المسند إليه والمسند والإسناد عوارضُ بلاغية تختص به.

[١ - عوارض الإسناد وأحواله]

شاع أن الإسناد من خصائص الخبر، فلذلك أكثر أن يصفوه بالخبري بناءً على أن الإنشاء - كالأمر والنهي والاستفهام - لا إسنادَ فيه. والتحقيق أن الإسناد يثبت للخبر والإنشاء؛ فإن في الجمل الإنشائية مسندًا ومسندًا إليه، فالفعل في قولك "أكرم صديقك" مسنَد، والضمير المستتر فيه مسند إليه.


(١) قصدت بهذه الزيادة إدخال نحو قام زيد أو عمرو وإدخال الاستفهام. - المصنف.
(٢) اعلم أنني نقَّحْت تعريفَهم للإسناد، فأتيتُ بتعريفٍ ينطبق على الخبر وعلى الإنشاء. ولذلك لم أذكر في التعريف لفظَ الحكم، بل قلت: يفيد ثبوتَ مفهوم إلخ؛ لأن في الإنشاء ثبوتًا وانتفاءً، لكن بلا حكم. - المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>