للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد تَحصَّل بالاستقراء أن طرقَ ثبوت النسب في المذهب الحنفي سبعة، وهي: الفراش، والحمل الحاصل في مدة تحقق الفراش، والبينة، والدعوة بدون بينة، وإقرار من إليه انتساب النسب (ويسمى الاستلحاق)، وحَوزُ النسب، والسماع. ويزاد عليها في المذاهب الأخرى القافة، وحكم القاضي. فيصير مجموع الطرق تسعة.

[مبنى النسب]

٩ - " مبنى النسب على الخفاء". (١) في الفقه المالكي فروع يُستقرى منها ما يوافق هذه القاعدة، كقولهم في المعتدة إذا ولدت ولدًا دون أقصى أمد الحمل: يلحق بصاحب العدة ولا يضر إقرارُها بأن عدتها انقضت، قال التتائي: "لأن دلالة القرء على براءة الرحم أكثرية، ولأن الحامل قد تحيض". (يجوز أن تكون كلمة مبنى مصدرًا ميميًّا، وأن تكون اسم مكانٍ مجازيٍّ).

ومعناه أن نسب النسل إلى أصله يكثر فيه أن يخفى على أصله فلا يتفطن لحصوله، وتعتوره أحوالٌ كثيرة من شأنها الخفاءُ على مَنْ له في النسب حق أو عليه فيه حق؛ لأن العلوق الذي هو منشأ النسب لا تشعر به المرأة التي حصل فيها، فضلًا عن تحديد وقت حصوله وضبط المدة التي تمضي عليه.

ومن أسباب خفائه أن أحكام الشريعة فيه دقيقة؛ لأن الحكم الواحد منها تتجاذبه أدلة متعارضة، يحتاج المجتهد إلى الجمع بينها أو ترجيح بعضها على بعض.

ومن أسباب خفائه تعددُ أصحاب الحق فيه من الأبوين وأصولهما، ومن القرابة، زيادةً على حق الله تعالى. "فلذلك يعفى فيه عن تناقض الدعوى، ويعذر فيه بالجهل". (٢) في المالكي موافقة؛ لأن الأصل أن الجهل عذر، لذلك كانت المسائل


(١) كنز الدقائق بشرح الزيلعي، مطبعة بولاق ١٣١٣ - ١٣١٥، ص ٣٢٩ جزء ٤، والدر المختار ص ٦٨٢ جزء ٤.
(٢) الزيلعي أيضًا، والدر المختار ص ٦٨٧ جزء ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>