للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الطريق الثامن: القافة]

٤٠ - هذه المسألة غريبة لم يعطها الفقهاء ما هي خليقة به من البيان والتفصيل، وقد اتفق جمهور العلماء على الاعتداد بها في الجملة طريقًا لإثبات بعض النسب في بعض الأحوال الغامضة. وهذا طريق لم يثبته الحنفية.

وكلمة قافة جمع قائف، ووزنها فَعَلَة كجمْع ساحر على سَحَرَة وكامل على كَمَلَة، وعين الكلمة واو قلبت همزةً بعد ألف فاعِل. والقائف الذي يتتبع الآثار ويتعرف منها الذين سلكوها، وَيعرف شبهَ الرجل بأبيه وأخيه، (١) والفعلُ قافه إذا تبع أثره يقُوفه.

وأما القيافة فاسم لنوع من الفراسة، وهي من علوم العرب، كالعيافة والزَّجْر. صيغت على وزن فِعالة؛ لأنها كالصنائع. واشتهر بها في العرب بنو مُدْلِج (بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر اللام وجيم ي آخره)، وهو بطن من بطون كنانة. وكانت شائعة أيضًا في بني أسد بن خزيمة يتوارثونها بالسجية، وتقوى فيهم بالعناية والمعالجة شأن القُوى النفسانية. وقد توجد قوةُ القيافة في بعض الناس من غير هذين البطنين، فقد روى عبد الرزاق أن عمر بن الخطاب دعا رجلًا قائفًا من بني كَعْب. (٢) وسيأتِي أن ابن عباس دعا قائفًا يسمى ابن كلدة. (٣) وثبت أن عمر بن الخطاب كان قائفًا في الجاهلية. (٤)

وتُعرف كفاءة القائف للقيافة بالتجربة بأن يُعرَض ولدٌ بين ثلاثة أصناف من النساء ليس فيهن أمه، ثم يعرض في صنف رابع فيهن أمه، فإن أصاب في الكل قُبِل


(١) شرح العيني على صحيح البخاري، ص ٥٢٣ جزء ٧.
(٢) المحلى لابن حزم، إدارة الطباعة بالقاهرة ١٣٥٢ هـ، ص ١٥١ جزء ١٠.
(٣) المحلى، ص ١٤٩ جزء ١٠.
(٤) العيني على البخاري، ص ١٢٣ جزء ١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>