للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله بعد ذلك. (١) وشاع إطلاقُ هذا الاسم بصيغة الجمع؛ لأنهم كانوا يَدْعُون للقيافة نفرًا ولا يقتصرون على واحد.

٤١ - ولم يرد في السنة ما يشهد لاعتبار القيافة على الجملة إلا حديثُ عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل تَبْرُق أساريرُ وجهه، فقال: "ألم ترَيْ أن مُجَزِّزًا لمُدْلجِي نظر آنفًا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد ورأى أقدامهما فقال: إن هذه الأقدام بعضُها من بعض؟ " (٢)

وفي هذا الحديث إشعارٌ باعتبار القافة في الجملة، ولذلك اتفق جمهور الفقهاء على الاستدلال به للاعتداد بالقافة في تعيين نسب مَنْ يُشَكُّ في نسبه إذا تعذر طريقٌ آخر لإثبات نسبه؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يُظهر السرورَ بما ليس من الحق في شيء.

وأقول: وجهُ الاعتبار بالقافة على الإجمال أنها يُتعرف بها قوةُ تشابه النسل بأصوله من أب أو أم. ويشهد لاعتبار ذلك على الجملة ما وقع في حديث سهل بن سعد في الصحيح أنه لما تم اللعان بين عُوَيمِر العجلاني وزوجته وهي حامل قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن جاءت به أحمر قصيرًا كأنه وَحَرَةٌ فلا أراها إلا قد صدقت وكذب عليها، وإن جاءت به أَسْوَدَ أعْيَن ذا أَلْيَتَيْن فلا أراه إلا قد صدق عليها". قال سهل فجاءت به على المكروه من ذلك. (٣)


(١) الوجيز للغزالي، ص ٢٧٢ جزء ٢؛ ودليل الطالب ص ١٢٥ جزء ١؛ المحلى، ص ١٤٨ جزء ١.
(٢) رواه البخاري في باب القايف من كتاب الفرائض وفي كتاب المناقب، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. - المصنف. صحيح البخاري، "كتاب الفرائض"، الأحاديث ٦٧٧٠ - ٦٧٧١، ص ١١٦٧ - ١١٦٨؛ صحيح مسلم، "كتاب الرضاع"، الحديث ١٤٥٩ (٣٨ - ٤٠)، ص ٥٥١؛ سنن الترمذي، "كتابُ الولاءِ والهبة"، الحديث ٢١٢٩، ص ٥١٤؛ سُنَنُ أبي دَاوُد، "كتاب الطلاق"، الحديث ٢٢٦٧، ص ٣٦٢؛ سنن النسائي، "كتاب الطلاق"، الحديثان ٣٤٩٠ - ٣٤٩١، ص ٥٧٠. - المحقق.
(٣) العيني على صحيح البخاري، ص ٦٠٧ جزء ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>