الحمد لله، طالعت في مجلة "الهداية الإسلامية" الغراء في جزئها الحادي عشر من المجلد الثاني صفحة ٦٢٥ سؤالًا عن حكم زكاة الأوراق المالية حرره السيد فهمي أبو كرورة. ولكون هذه المسألة من أجل المسائل التي يتطلع إليها أهلُ الإسلام لمعرفة حكم الشرع فيها لانتشار التعامل بهذه الأوراق، رأيت من المتعين الجوابَ عن هذا السؤال على حسب قواعد المذهب المالكي بغاية ما يمكن من قلة التطويل، وإن كان هذا الغرضُ يحتاج إلى إفاضة القول فيه في مناسبة أخرى.
[[معنى الأوراق المالية المعروفة بتذاكر البانكة]]
لَمَّا كان تصورُ المحكوم عليه بكنهه مما يجب تقديمُه قبل التصدي لتفصيل أحكامه، فمن الواجب أن نبسط بيان ماهية هاته الأوراق المعبَّر عنها عندنا بتذاكر البانكة، حتى يكون إلحاقُ الحكم بها بعد ذلك أمرًا سهلًا لا يكلفك عملًا جزلًا، ويكون القول في ذلك قولًا فصلًا، فما هي البانكة وأوراقها؟
البانكة كلمة "طليانية"[إيطالية]، وهي في اللغة الفرنسية بنك [banque]، والجمع بانكات أو بنوك. ومسماها في الأصل محل الصرف، إلا أن الصيارفة توسعوا
(١) نشر في جريدة الوزير، العدد ٢٥، ١٣٣٩/ ١٩٢٠ وأعيد نشره مختصرًا في مجلة الهداية الإسلامية، المجلد ٢، الجزء ٤، رجب ١٣٤٩ (ص ٦٢ - ٦٦)، وقد عولنا في ضبطه عليها، كما استكملنا بعضَ تفاصيله مما نشر في الجريدة المذكورة اعتمادًا على كتاب "الفتاوى التونسية" للتوزري، وسنشير إلى ذلك في مواضعه بوضعه بين حاصرتين.