للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أر كلامًا تنضبط به حقيقةُ الحديث القدسي لنُضوب عباراتِ الكاتبين وإجمالها، فإذا أخذوا في بيان ما هو الحديث القدسي هرعوا إلى الخوض في التفرقة بين الحديث القدسي وبين القرآن. وإن التفرقة بين القرآن وبين الحديث القدسي وإن كانت لا تخلو من تيسير لضبط تعريف الحديث القدسي، فالاشتغال بها قبل ضبط التعريف يُعد في صناعة التأليف تطوحًا عن الأهم. فحملني هذا وذاك على تحقيق معنى الحديث القدسي، وتعريفه بِحَدٍّ جامع مانع بعد جلب التعاريف التي سبقوا بها.

[تعريف الحديث القدسي]

الحديث القدسي، ويسمى الحديث الرباني، الحديث الإلهي، قال السيد الجرجاني في كتاب التعريفات: "الحديث القدسي هو من حيث المعنى من عند الله تعالى، ومن حيث اللفظ من رسوله - صلى الله عليه وسلم -، [فهو] ما أخبر الله تعالى [به] نبيَّه بإلهام أو بالمنام، فأخبر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك المعنى بعبارات نفسه". (١) وفي الإتقان للسيوطي في النوع السادس عشر: "قال الجويني: (٢) الحديث القدسي كلام من الله منزل على النبي - صلى الله عليه وسلم -، غير ملتزم تبليغه بلفظ معين بل المقصود المعنى، فقد تكون العبارة من جبريل". (٣)


(١) الجرجاني: كتاب التعريفات، ص ١٤٦ (وما بين حاصرتين ليس في النسخة التي رجعنا إليها من كتاب الشريف الجرجاني).
(٢) في المطبوعة كُتب الجويني، بجيم فواو فتحتية فنون فياء نسب. فلعله يعني به إمام الحرمين أو والده. وفي نسخة مخطوطة كتب بخاء معجمة فواو فتحتية فنون فياء نسب، ولم أجده في الأنساب ولا في تاج العروس. - المصنف.
والصواب: الخُوَيِّي، وهو محمد بن أحمد بن خليل بن سعادة الخُوَيِّي شهاب الدين (٦٢٦ - ٦٩٣ هـ). انظر: (سبيل الهدى والرشاد)، ج ٢، ص ٢٥٦ للإمام محمد بن يوسف الصالحي الشامي، فقد أورد النص وعزاه للإمام شهاب الدين محمد بن أحمد بن الخليل الخويي (في مطبوع سبيل الهدى: الخولي، وهو خطأ) (الناشر).
(٣) أورد المصنف الكلام المنسوب للجويني بتصرف واختصار شديدين، على أنه لم ترد فيه عبارة "الأحاديث القدسية"، ولا وردت في تعليق السيوطي عليه. ولفظه: "وقال الجويني: كلام الله المنزل قسمان: قسم قال الله لجبريل: قل للنبي الذي أنت مرسلٌ إليه: إن الله يقول: تفعل كذا =

<<  <  ج: ص:  >  >>