للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح مسلم عن أنس: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنا أول الناس يشفع في الجنة"". (١) وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يخرج قومًا من النار بالشفاعة"، (٢) يريد بشفاعة محمد؛ لأن التعريف للعهد. وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد بن حنبل بأسانيدهم عن أنس بن مالك وجابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي"، قال الترمذي: هو "حديث حسن صحيح غريب". (٣) وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله: أن مقام محمد المحمود هو الذي يخرج الله به من يخرج من النار. (٤)

فشفاعةُ رسول الله يوم القيامة أمرٌ ثابت على الجملة بأدلة القرآن، قال الله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: ٢٥٥]، وقال تعالى: {وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: ٢٣]، وثبوتها للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأدلة من القرآن، قال تعالَى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا (٧٩)} [الإسراء: ٧٩]، وبما ثبت في الصحيح ورويناه آنفًا.

[أنواع الشفاعة ومكانة الرسول - عليه السلام - منها]

والشفاعات على ما حققه أئمتنا خمسة أقسام:

الأول: الشفاعةُ إلى الله في إراحة الأمم من هول الموقف بأن يُعَجِّل حسابَهم. وتُسمى بالشفاعة العظمى؛ لأنَّها أعمُّ أقسام الشفاعات، وهي من خصائص محمد


(١) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ١٩٦، ص ٩٨.
(٢) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ١٩١، ص ٩٢.
(٣) قال الترمذي في تعليقه على رواية أنس (٢٤٣٥): "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه. وفي الباب عن جابر". وقال تعليقًا على رواية جابر بن عبد الله (٢٤٣٦) من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر: "هذا حديث غريب من هذا الوجه يُستغرب من حديث جعفر بن محمد". سنن الترمذي، "أبواب صفة القيامة"، ص ٥٧٩، سُنَنُ أبي دَاوُد، "كتاب السنة" الحديث ٤٧٣٩، ص ٧٤٦؛ سنن ابن ماجه، "كتاب الزهد"، الحديث ٣٤١٠، ص ٦٢٩.
(٤) صحيح مسلم، "كتاب الإيمان"، الحديث ٣٢٠، ص ٩٣ - ٩٤. وسيأتِي ذكر الحديث الذي ورد فيه هذا التفسير بعد قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>