للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرزاق هذا الحديث. ولم يذكره السيوطي في كتاب الخصائص، (١) مع أنه لو كان مقبولًا لكان من أوَّلِ الخصائص.

فإن كان عبدُ الرزاق قد رواه حقيقة، فيكون قد رواه عن الضعفاء في آخر عمره، فلذا لا يوجد في مسند عبد الرزاق. (٢) وإن كان عبد الرزاق لم يروه، فقد كذبه عنه الضعفاء والمتساهلون ممن شملهم المقبول؛ إذ لم ينقله أحد. وكذلك رواية البيهقي، فإن البيهقي متساهلٌ في أحاديث دلائل النبوة وفضائل الأعمال. أما ما رُوِيَ في شفاء الصدور لابن سبع، فلا حاجةَ إلى التنبيه على أن كتابه يشتمل على المقبول والمردود.

فهذا الحديثُ مجهولُ السند، ومجردُ وجودِ عبد الرزاق في رُواته لا يكفي في توثيق سنده؛ إذ لا ندري مَنْ رواه عن عبد الرزاق ولا مَنْ رواه عنه عبدُ الرزاق بينه وبين جابر. فهو لذلك غيرُ صحيح ولا حسَن، لعدم معرفة رواية مصدره [فضلًا عن] (٣) أن يُعرف توفر شروط رجال الصحيح ورجال الحسن فيهم، فيتردد بين كونه ضعيفًا أو موضوعًا.

[نقده من جهة اللفظ]

إن نظم الكلام في هذا الحديث نظمٌ ضعيف لا يناسب أن يكون لفظَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفصحُ العرب، يبدو ذلك جليًّا لِمَنْ كان له ذوقٌ في تراتيب منه. (٤) قال ابن الصلاح في أصول علم الحديث: "قد وُضِعت أحاديث طويلة، تشهد بوضعها ركاكةُ ألفاظها ومعانيها". (٥)


(١) يعني "الخصائص النبوية الكبرى"، وهو كتاب في شمائل الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
(٢) ولا في مصنفاته الأخرى كما سبق أن ذكرنا!
(٣) زيادة اقتضاها السياق.
(٤) لم يتبين لي على نحو يُطمأن إليه الوجه في عبارة "في تراتيب منه"، وربما حصل تصحيف في الكلام. وانظر ما سيأتي في الوجه الخامس، فلعل فيه توضيح لهذه العبارة - الناشر.
(٥) وتمام كلامه: "وإنما يُعرف كونُ الحديث موضوعًا بإقرار واضعه أو ما يتنزل منزلة إقراره، وقد يفهمون الوضعَ من قرينة حال الراوي أو المروي، فقد وُضعت أحاديث طويلةٌ يشهد بوضعها =

<<  <  ج: ص:  >  >>