للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناسُ بعد القرآن شيئًا هو أنفع من موطأ مالك". (١)

فالموطأ أولُ كتاب دُوِّن في الصحيح عند المحققين من الأئمة. قال القاضي أبو بكر بن العربي في مقدمة كتابه "عارضة الأحوذي" على كتاب الترمذي: "اعلموا - أنار الله أفئدتَكم - أن كتاب الجعفي (أي البخاري) هو الأصل الثاني في هذا الباب، والموطأ هو الأولُ واللُّباب، وعليهما بناءُ الجميع كالقشيري (أي مسلم) والترمذي". (٢) وقال السيوطي: "قال بعضُ العلماء إن البخاري إذا وجد حديثًا يُؤْثَرُ عن مالك لا يكاد يَعْدِل به إلى غيره، حتى إنه روى في صحيحه عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية بن أسماء عن مالك"، (٣) يعني بواسطتين بينه وبين مالك، مع ما للمحدثين من الرغبة في السند الأقرب.

[ما المراد بالحديث الصحيح؟]

اعلم أن الذي اصطلح عليه البخاري ومَنْ جاء بعده أنَّ لقبَ الحديث الصحيح هو الحديثُ الذي اتصل سندُه، يرويه واحدٌ عن واحد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، بعدول ضابطين بلا شذوذ، أي بأن لا يخالف أحدُ رواته ما يرويه مَنْ هو أرجحُ منه


= و ٦١؛ ترتيب المدارك، ج ١، ص ١٩١. وذكره ابن خلدون وابن عبد البر بعدة ألفاظ منسوبًا إلى الشافعي وإلى عبد الرحمن بن مهدي ويونس بن عبد الأعلى، رحلة ابن خلدون، ص ٢٣٨؛ التمهيد، ج ١ (المقدمة)، ص ٦٠. هذا وقد أول علماءُ الحديث - ابن الصلاح وغيره - هذا الكلامَ على موطأ الإمام مالك بأنه يصدق قبل تأليف البخاري ومسلم صحيحيهما.
(١) اليحصبي: ترتيب المدارك، ج ١، ص ١٩١.
(٢) ابن العربي: عارضة الأحوذي، ج ١/ ١، ص ١٠.
(٣) لم أعثر عليه في مقدمة "تنوير الحوالك"، ولا في مقدمة "التوشيح شرح الجامع الصحيح"، ولا في "تدريب الراوي" للسيوطي. ولكن الراجح أنه نقله عن الزركشي، فقد قال: "والبخاري إذا وجدَ حديثًا عن مالك لا يكاد يعدل به إلى غيره، حتى إنه يروي في الجامع عن عبد الله بن محمد بن أسماء عن عمه جويرية عن مالك". الزركشي، بدر الدين أبو عبد الله محمد بن جمال الدين بن بهادر: النكت على مقدمة ابن الصلاح، تحقيق زين العابدين بن محمد بلافريج (الرياض: مكتبة أضواء السلف، ط ١، ١٤١٩/ ١٩٩٨)، ج ١، ص ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>