على ما يمكن من النسخ الموجودة منه، مثل مصورة "خدابخش" التي نعتها الأستاذ التنوخي والنسخة التي في مكتبتنا.
فهاتان نسختان في الكف، ويمكن أن نعثر على نسخة أخرى أو اثنتين بعد البحث. وأنا على استعدادٍ للتمكين من إعطاء صورة من نسختنا أو إخراج نسخة منها بواسطة مَنْ يُكَلَّف بنسخِها بتعيين الأستاذين الناشرين، فعسى أن تخرج من الكتاب طبعةٌ علمية مستوفاة. ومن الجدير بالعناية في الطبعة المرجوة التعليقُ على أبيات محتاجة إلى بيان مغلقها وذكر بحورها.
[مقارنة وتحليل بين كتاب "المثل السائر" وكتاب "الجامع الكبير"]
وإذ قد جرى خوضُ الأستاذين الناشرين والأستاذ الناقد في أي كتابي ابن الأثير أسبقُ تأليفًا وفي طريقة كل من الكتابين، وجرى تنبيهُ الأستاذ الناقد على إقامة بعض الأبيات، فقد رأيتُ أن أُبديَ ما أراه في المقارنة بينهما وانتسابِ مباحثِ أحدِهما من مباحثِ الآخر.
فالكتابان متحدا الغرض، متماثلانِ في غالب الأبواب، إلا أن بينهما فرقًا في الأسلوب يظهر منه الفرقُ بينهما في غرض المؤلِّف من كليهما. وينجلي من ذلك إبداءُ الرأي في أيُّهما أسبقُ صدورًا عن مؤلفه، وفي سبب رواج "المثل السائر" وخمول "الجامع الكبير"، وأُتْبِعُه بنموذج من إقامة بعض الأبيات.
فأما اتحادُ الغرضِ من الكتابين فيُعلم من تسميتهما؛ فـ "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر"، و"الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور". فالغرضُ واحد، والموضوعُ واحد. ولكنه سلك في كتاب "المثل" إلى تربيةِ الذوق، والتمرُّسِ بالصناعة، وتطبيقِ القواعد والمسائل الأدبية على مُثُلها وشواهدِها، حتى يكتسب مزاولُه أدبَ الكتابة والشعر ويرتاضَ به. ولذلك جعله في أدب الكاتب والشاعر؛ فإن اسم الأدب مؤذِنٌ بكمالِ صاحِبِه فيما يُراد منه، كما سلك عبد القاهر الجرجاني في كتاب "دلائل الإعجاز" وكتاب "أسرار البلاغة". وقصدَ في كتاب