للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرسالة الثالثة]

المرسى في ٢٧ رجب ١٣٢٣ [أكتوبر ١٩٠٥]

إلى الأستاذ العلامة النحرير سيدي محمد النخلي أيده الله تعالى وأبقاه، ويسر لي قريبًا أن ألقاه. سلام وتحية وإجلال، وشوق إلى تلك الشيم الزكية والخلال.

أما بعد أستاذي، فإن الحاجات إليك كثيرة، والأوقات قصيرة، وقد وقف قلمي عن الترجيح، واعتاض بأن يشرحها عند الملاقاة بلسان فصيح.

وجهتُ إليكم مكتوبَ الأستاذ الإمام قدس الله روحه، وأنا أضعه في هذا الظرف كما يصفد المحب على حبيبه بابَ عربة السفر، فأرجو أن يصلكم سالما. وقد أخذت منه نسخةً كما تُؤخذ صورة الحبيب، وإن عزم جنابُكم على توجيهه فليحرص على استرجاعه من صاحب المنار؛ فإنه كتاب ستكون له قيمة تاريخية جليلة متى عم النور.

من عجيب الاتفاق أن كتاب جنابكم الثاني وصل إلي وأنا بصدد تحرير كتاب سميته "أليس الصبح بقريب"، فكانت كلمةُ جنابكم المتضمنة اقتباسَ هذه الآية (١) كمكاشفة على فعلي، وما ذلك في جانب النفوس النيرة إذا تعلقت بغيرها بعزيز.

سمعتُ كلامًا على الدرس (٢) الذي شرعتم في إقرائه كما أعلمتموني، وأرجو أن لا يجاهر جنابُكم بذلك وأن يتحفظ من المنافقين في التلامذة الذين {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا. . .} [البقرة: ٧٦].

ابنكم الطاهر بن عاشور


(١) يشير إلى قوله تعالى: {قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ (٨١)} [هود: ٨١]، وقد اقتبس المصنف الجزء الأخير من الآية عنوانًا لكتابه عن إصلاح التعليم.
(٢) درس "رسالة التوحيد" للشيخ محمد عبده.

<<  <  ج: ص:  >  >>