للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمر الإنسان: ماذا أردت؟ (١)

كتبتُ في مجلة "السعادة [العظمى] " في عددها السادس شذرةً في عمر الإنسان تحت عنوان "الإنسان على الأرض"، (٢) جعلتها تعضيدًا لِمَنْ كتب في عددها الرابع كلمة "عمر الإنسان الطبيعي". (٣)

ولكن اتحدت الوجهة واختلف الطريق، فإني عدلت عن اعتبار الفلتات الطبيعية في عمر الإنسان؛ لأني رأيته جوابًا على تسليم الأصل الذي بني عليه الشاكون شكهم، وإنما أردت البحث في مستند الأصل الذي أصَّلوه أن عمر الإنسان لا يتجاوز المائة والعشرين سنة. من أجل ذلك بحثت في المسألة بحثًا فلسفيًّا ترديديًّا، ليرى المبصرون أنْ لا دليلَ من العقل يجعل هذا الحد طبيعيًّا للبشر، وأنْ ليس المرجع في هاته التحديدات إلَّا لاستقراء غالب عيش الأمم في كل عصر.

وإذا كان ما حددوه عمرًا للإنسان منذ كتب البشر التاريخ - ونشهد أنه قد انحطَّ في عصرنا هذا عن ذلك الحد - فلا بِدْعَ أن يكون قبل ذلك أطول، لا سيما وقد أثبت العلم يقينًا باختلاف أطوارٍ مرت على الأرض، وأنها كأبنائها يعتورها طفولةٌ وشبابٌ وهرم، ذلك كله بَيَّنَّاه فيما كتبنا أولًا مع بسط وترديد.

ومما زاد بني عدولًا عن اعتبار الفلتة أنَّ الأطباء الذين إليهم المرجعُ في هذا التحديد يَرَوْن أنه لا يمكن أن يتعدى الإنسانُ ما حُدَّ له من العمر، بل يتحلل إن بلغه تحللًا، وما بالطبع لا يتخلف ولا يختلف.


(١) السعادة العظمى، المجلد ١، العدد ٨، ١٦ ربيع الثاني ١٣٢٢ هـ (ص ١١٩ - ١٢٢).
(٢) وهي المقالة السابقة في هذا المجموع.
(٣) وهو المقال الذي كتبه الشيخ محمد النخلي أستاذ المصنف.

<<  <  ج: ص:  >  >>