خطاب في الاحتفال السنوي لمكتبة التلميذ الزيتوني (١)
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وإنعامه وتممه، وأرسل رسولًا يتلو صحفًا مطهرة فيها كتب قيمة، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل والمكرمة.
أما بعد، فقد خُتمت هذه السنة الموسمية لأعمال مكتبة التلميذ الزيتوني بعد عمل جاد وهمة يقظَى لا تعرف السهاد، فبرهنت أعمالُها على كفاءة القائمين بتنسيقها، وأظهرت في خلال هذه السنة تقدمات جمة ووفرة من الأعمال المهمة. ولقد زارتني هيئة جمعيتها غير مرة، وأطلعتني على الجهود المصروفة في إنمائها، فشاهدت تقدمًا سريعًا أقر العين، وأوجب شكر أولئك الساعين.
إن أهمية هذه المؤسسة حقيقةٌ ببذل العناية والمعاضدة للقائمين بها، فإن إيصال العلوم النافعة إلى أذهان التلامذة غايةٌ سعى إليها الحكماء والناصحون، فتوخوا لها مختلفَ الطرق ودبروا لتفاضلها وتقصير خطاها قصارى ما استطاعوا من ابتكار الأساليب واختلاف مظاهرها. فالتلميذ الذي يقضي ساعاتِ يومه في متابعة برنامج تعليمه وتحضيره المستغرق أوقاتَه لا يزال بعد ذلك في حاجة إلى الازدياد من المعارف، وهو مع ذلك محتاج إلى استجماع ذهنه واستجداد نشاطه عقب الأعمال التي قد تفضي به إلى الملال. فلا جرم أن كان جديرًا بأن يحتال ناصحوه على أن يعرضوا على ذهنه معارفَ لم تسمح له دروسُ التعليم بتلقيها، ولا يسمح له طلب الكمال بأن يفرط فيها، ولا تساعده قوة العمل بعد الفوات بتلافيها.