للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أراد حبيبته فكنى عنها بالنخلة. وكنوا عن المرأة بالشاة من قبل في الجاهلية، قال عنترة:

يَا شَاةَ مَا قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ له ... حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَهَا لَمْ تَحْرُمِ (١)

وذكر الجرجاني في كتاب "الكنايات" أن التكنية بالشجر وغيره عن المرأة قديمةٌ في كلام العرب من عصر الجاهلية (٢).

[سعة علمه بالعربية وتفننه]

يُنْبِئُك شعرُ بشار، فضلًا عن بلاغته وفصاحته، بأنه تمكن في العلم بأحوال العرب وعاداتهم وأيامهم، حتّى إنه لينظم القصائدَ فلا يُخِلّ بشيء مما يودِعه فحولُ العرب في أشعارهم. وكذلك كان علمُه بأحوال الإسلام، وأيام دوله، ومناهج الشريعة واختلاف أئمتها. وجمع إلى ذلك علمًا بعادات المولَّدين من العرب في الأمصار، وأمثالهم، وعقائدهم، ومجالس جِدهم ولهوهم. وقد أودَع جَمًّا من ذلك في


(١) البيت هو الرابع والستون من المعلقة. القرشي: جمهرة أشعار العرب، ص ٢١٩؛ ديوان عنترة، ص ٢١٣ (نشرة مولوي).
(٢) لم أجد هذا الكلام في كتاب "المنتخب" للجرجاني، ويبدو أن المصنف - رضي الله عنه - خلط بين كلامه وكلام الثعالبي بسبب أن الكتابين قد يكونان طُبعا معًا في سفر واحد، كما هو الحال مع نشرة كتاب الجرجاني التي رجعنا إليها في هذا التحقيق حيث ألحق به كتاب الثعالبي. فقد خصَّ هذا الأخيرُ الكناية عن المرأة بفصل كامل ساق فيه صورًا لذلك، وقال في فاتحته: "العرب تكني عن المرأة بالنعجة والشاة والقلوص والسرحة والحرث والفراش والعتبة والقارورة والقوصرة. . . وأما الكناية بالسرحة، وهي شجرة، فكما قال حميد بن ثور:
أبَى اللهُ إلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالكٍ ... عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ العِضَاهِ تروق"
الثعالبي، أبو منصور: كتاب الكناية والتعريض، تحقيق أسامة البحيري (القاهرة: مكتبة الخانجي، ط ١، ١٤١٨/ ١٩٩٧)، ص ٩ - ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>