(٢) أعلم أن الفصاحة من أخص أوصاف كلام العرب، وعدُّها في علم المعاني من حيث إنها شرطٌ في البلاغة؛ إذ لا يُعتدُّ بالكلام البليغ إلا إذا كان فصيحًا، فلما توقف وصفُ البلاغة على تعقل معنى الفصاحة ذكروها هنا لئلا يحيلوا المتعلم على علم آخر. وقد كان الشأن أن تُعدَّ الفصاحة من مسائل علم الإنشاء، والمتقدمون عدوها في المحسنات البديعية نظرًا لكونها حسنًا لفظيًّا، لكن الحق أن كونها أقوى اعتبارًا من البلاغة مانعٌ من عدها في المحسنات التي هي توابع. فالوجهُ عدُّها من مسائل الإنشاء، وأن ذكرها هنا مقدمة للعلم. وإنما اشترطت الفصاحة في تحقيق البلاغة؛ لأن الكلام إذا لم يكن فصيحًا لم تُقبل عليه أفهامُ السامعين، فيفوتها كثيرٌ مما أودعه المتكلِّمُ في كلامه من الدقائق. - المصنف.