إلى أستاذي النقاد العلامة النصوح الشيخ سيدي محمد النخلي المدرس الأعلى بالجامع الأعظم حفظه الله تعالى.
جاءني كتابك سيدي على انتظار، فكان من شوقي مكان جرعة الماء من الأُوار. جاءني يقدم إلي كتاب الأستاذ الإمام قدس الله روحه الذي كنتُ نقلتُ عنكم خلاصتَه منذ سنين في بعض دروسِكم، وأنا جاهل بمنشئه، فها أنا ذا الآن أقرؤه وعبرات أسفي تتقاطر عليه.
الفكر العام كما قلت لكم في ذهول عن هاته الحوادث، ولقد رأيت من بعض العامة الترحم على الأستاذ والاستغفار ليس إلا، لأنهم سمعوا أنه كان يحب تقدم الإسلام ويسعى إليه، فأين هم من الغوغاء المنتسبين للإسلام ونصرته الذين آذوه حيًّا وميِّتًا، ترجيحًا لمصالحهم الشخصية على نصح الدين والأمة؟
ذهبت المذاهبُ في مراثي الإمام كل مذهب، وعُرِف منها ما كان مكتومًا، ففاز صريحُ التوقيع بمزية الشجاعة. ومهما يكن من سخط الجامدين، فإنهم كما قال تعالى:{لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى}[آل عمران: ١١١]{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}[البقرة: ٧٦].
كنتُ أسمع عن كثير من المعترضين، فأود أن أواجههم فيصرحوا باعتراضهم، لأريهم الحق أبلج ساطعًا، ولكني كنت أراهم عند اللقاء أقذر من الحرباء تلونًا، وأشد من الثعلب رواغًا، وسيعلمون جهلهم بعد حين.
قرأت حديث إلمامكم بأطلال مكتبة الجامع الأعظم بالقيروان وما رأيتم من كتب نخرة وأوراق بالية ترفرف عليها أغربة الفناء التي رفرفت على أمة أضاعتها بالتماس البركات، ولهت عنها بنسخ الأوراد ودلائل الخيرات. وإنا لا ننسى شكرَ