للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ظهور الإسلام في المدينة]

دخل أهلُ المدينة في الإسلام أفواجًا ممن كانوا مشركين ونفر من اليهود، ونشأ هنالك فريق لم يكن له نظيرٌ في أهل مكة، وهو فريق أظهروا الإسلامَ في ظاهر أمرهم وأبطنوا الكفر. فأنبأ الله تعالى رسوله بهم، ودعاهم بالمنافقين. وكان رأسهم عبد الله ابن أبي ابن سلول: اشتهر بين المسلمين بالنسبة إلى أمه مع أبيه، تفرقةً بينه وبين ابنه عبد الله بن عبد الله الذي كان من خيرة المسلمين وأحبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وآخى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، وكان المهاجرون زهاء خمسين. وشرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدبر أحوال المسلمين، ويقيم عماد جماعتهم، ويسوس نظامَهم. واتسع نزولُ شرائع الإسلام، وتصرف رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - تصرفَ الأئمة القادة، وأخذ الإسلام ينتشر في قبائل العرب الذين حول المدينة.

[الغزوات]

وغزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزواته للذب عن حوزة المسلمين، وخضدًا لشوكة أذى المشركين، فقد كان دأبهم بعد الهجرة تأليبَ العرب وإغراءَهم بمناوأة المسلمين. وكانوا يجدون من خداع المنافقين وكيد اليهود ما وسع أطماعَ أعداء الدين بانحلال عراه، وانفضاض من حوله قبل أن يبلغ منتهاه، فأطلع الله رسوله على ذلك وأمره بالانتصار للدين. ولذلك لمَّا غزت الأحزابُ المدينة [أشار عليه سلمان] بحفر الخندق، (١) وهزم الله الأحزاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا". (٢) وقد أظهر الله من نصر المسلمين مع قلتهم ما كان من معجزات هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -.

وجملة غزواته سبع وعشرون غزوة، وهي التي كان رسول الله حاضرًا فيها بنفسه. وجملة السرايا التي وجهها بقصد القتال أو التطلع أو الحراسة سبع وأربعون


(١) يبدو أن في الكلام سقطًا، وما بين الحاصرتين تمت إضافته ليستقيم الكلام.
(٢) وتمامه عن سليمان بن صرد قال: "سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول حين أجلَى الأحزابُ عنه: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا، نحن نسير إليهم"". صحيح البخاري، "كتاب المغازي"، الحديث ٤١١٠، ص ٦٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>