للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتفرقون إلا عن علم تعلموه يَقُوم لأنفسهم مقامَ الطعامِ والشراب للأجسام في الانتعاش والالتذاذ، فجرى الكلامُ على طريقة الاستعارة.

[وقت المجلس الرسولي]

أحسب أن معظم جلوس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس كان في أوقات تفرغ معظم الصحابة من العمل، فكان يجلس لهم بعد صلاة الصبح، كما يشهد لذلك حديثُ كعب بن مالك - رضي الله عنه - وتوبته، قال كعب: "وأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مجلسه بعد الصلاة، ثم قال: فلما صليتُ صلاة الفجر صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا سمعت صوتَ صارخ: يا كعب بن مالك أبشر، وانطلقت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس. . ." إلخ. (١)

وكذلك حديث أبي موسى الأشعري - رضي الله عنهم - المتقدم إذ يقول: "توضأت يومًا وخرجت من بيتي فقلت: لألزمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومي هذا، وأكون معه فجئت المسجد. . ."، إذ لا شك أن ذلك وقتُ صلاة الصبح. وما كان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - يستغرق الصباحَ كلَّه في المجلس، فإن أصحابه كانوا يذهبون إلى أعمالهم وحاجاتهم، ولأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كان يدخل بيوتَ أزواجه، فقد قالت عائشة رضي الله عنها كان


= والثانية أقربُ في لفظها إلى ما ذكره هنا، وفيها: "جاء أعرابِيٌّ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضرب نحره وينتف شعره ويقول: هلك الأبعد، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وما ذاك؟ " فقال: أصبتُ أهلي وأنا صائم في رمضان. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ " فقال: لا، فقال: "هل تستطيع أن تُهديَ بدنة؟ " قال: لا، قال: "فاجلس. فأُتِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقِ تمر، فقال: "خُذْ هذا فتصدق به". فقال: ما أجد أحوجَ مني؟ فقال: "كُلْهُ وصُمْ يومًا مكان ما أصبت"". الموطأ برواياته الثمانية، "كتاب الصيامِ"، الحديثان ٧١٨ - ٧١٩، ج ٢، ص ٣٢٨ - ٣٢٩.
(١) أورد المصنف الحديث مختصرًا وبتصرف. صحيح البخاري، "كتاب المغازي"، الحديث ٤٤١٧، ص ٧٤٩ - ٧٥٢ (ومحل الشاهد في ص ٧٥١)؛ صحيح مسلم، "كتاب التوبة"، الحديث ٢٧٦٩، ص ١٠٦٢ - ١٠٦٥ (ومحل الشاهد في ص ١٠٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>