للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى من حوله من قريش نَظَرَ مَنْ يومئ إليهم أنِ اسمعوا هذا المدح. (١)

وروى الترمذي عن جابر بن سَمُرة - رضي الله عنه - قال: "جالستُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أكثر من مائة مرة، وكان أصحابُه يتناشدون الشعر، ويتذاكرون من أمر الجاهلية، وهو ساكت، وربها تبسَّم معهم". (٢)

وقد ورد في الأثر أن أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخلوا عليه كانوا "لا يفترقون إلا عن ذَواق، ويخرجون أدلة". (٣) وللعلماء اختلافٌ في تأويله، فحمله بعضُهم على ظاهره، أي: لا يفترقون إلا بعد أن يطعموا طعامًا قليلًا، ولذلك عبر عنه بذَواق، وهو بفتح الذال: الشيء المَذُوق من تمر أو نحوه أو ماء. وقد ورد في حديث عبد الله بن عمر عنهما أنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتي بِجُمَّار نخلة. . . إلخ، (٤) أي أُتِي به ليؤكل في مجلسه، ولذلك ترجم البخاري هذا الحديث: "باب أكل الجمار".

وفي حديث الموطأ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: "جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر أنه وقع على أهله في نهار رمضان إلى أن قال: فبينما نحن على ذلك إذ أُتِيَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِعَرَقٍ فيه تمر. . ." إلخ. (٥) وتأوله الأنباري، وابنُ الأثير، وغيرُ واحدٍ أنه أراد أنهم لا


(١) ابن هشام: شرح قصيدة مانت سعاد، ص ٨٣.
(٢) الترمذي: الشمائل المحمدية، الحديث ٢٣٨، ص ١٠٦؛ سنن الترمذي، "كتاب الأدب"، الحديث ٢٨٥٠، ص ٦٦٣. قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسن صحيح".
(٣) وهو من حديث هند بن أبي هالة عن الحسن بن علي بن أبي طالب. الترمذي: الشمائل المحمدية، الحديث ٣٢١، ص ١٤٤؛ البيهقي: دلائل النبوة، ج ١، ص ٢٨٩؛ الهيثمي: بغية الرائد، "كتاب علامات النبوة"، الحديث ١٤٠٢٦، ج ٨، ص ٤٨٨ - ٤٩١، وقد جاء فيه لفظ "أذلة" بدل "أدلة"، وهو صحيح المعنى.
(٤) سبق تخريجه.
(٥) والعَرَق - بفتح العين وفتح الراء، ويجوز كسرُها - هو المكتل؛ أي الزنبيل. - المصنف. يبدو أن المصنف جمع بين روايتين للحديث إحداهما عن أبي هريرة والأخرى عن سعيد بن المسيب، =

<<  <  ج: ص:  >  >>