عند شروطهم، إلا شرطًا أحلّ حرامًا أو حرَّم حلالًا"، (١) فأشار هذا الحديثُ إلى صنفيْ التحديدات، أعني التحديدات الجعلية الناشئة عن الوفاء بالشروط، والتحديدات الناشئة عن التعيينات الشرعية.
ألا ترى أن منعَ المكتري من التصرف في ذات المحل بالهدم والبناء ليس من الحجر، وأن منع الشريك من تغيير المحل المشترك بدون إذن شريكه ليس من الحجر، وأن اشتراطَ المقارض على عامل القراض ضمانَ الخسارة شرطٌ باطل ولو رضِيَ به العامل، ولا يُعدُّ ذلك حجرًا على المتقارضين، وأن اشتراطَ ربِّ الأرض على عامل المغارسة أن يبني جدارًا يسيج به البستان شرطٌ باطل ولو رضيا به، ولا يعد ذلك حجرًا عليهما؟
فمستحق الحبس بمثابة المكتري قد صار إليه حقُّ الانتفاع بريع العقار دون ملك ذاته على شروط مبينة يضعها المحبِّس، فإن رضي المحبَّس عليه بذلك التحبيس قبله، وإلا فليرجعه إلى ربه.
[هل في الوقف مصلحة أو مفسدة؟]
المصلحة ما فيه الصلاح العام أو الخاص، والمفسدة ما فيه الفساد أي الضرر العام أو الخاص. فكون الفعل مصلحة أو مفسدة له معنيان:
أحدهما: أن يترتب عليه صلاح خالص أو فساد خالص، أي فيه صلاح حيثما وقع، كالإيمان بالله والرسول، وحماية بيضة الإسلام، ويكون فيه فساد حيثما وقع كالشرك بالله، وتكذيب الرسول عليه السلام، وإهلاك الحرث والنسل.
(١) رواه الترمذي بلفظ: "الصُّلحُ جائزٌ بينَ المسلمينَ، إلَّا صُلحًا حرَّمَ حَلالًا أو أحلَّ حَرامًا، والمسلمونَ على شُروطهِم، إلَّا شَرطًا حرَّمَ حَلالًا أو أحلَّ حراما"، وقال: "هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيح". سنن الترمذي، "كتابُ الأحكام"، الحديث ١٣٥٢، ص ٣٤٧؛ وقريب منه رواية الحاكم: المستدرك، "كتاب الأحكام"، الحديث ٧١٣٨، ج ٤، ص ٢٠١.