للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن من الناس مَنْ أمرُه أن لا يطلبه. ثم قال من الغد: قد سُئلتُ أطلب العلم فريضة؟ قلت: أما على كل الناس فلا". قال ابن رشد في البيان والتحصيل: "وقوله: إن من الناس من أمره أن لا يطلبه، يريد أن مِنَ الناس مَنْ هو قليلُ الفهم لا تتأتَّى له المعاني على وجوهها، وإذا سمع الشيْءَ حمله على خلاف معناه، ومَنْ كان بهذه الصفة فالحظُّ أن يترك الاشتغالَ بطلب العلم إلى ما سواه من ذكر الله سبحانه وقراءة القرآن والصلاة، فهو أعظم لأجره. وقوله من الغد: أما على كلُّ الناس فلا، يدل على أنه فريضةٌ على بعضهم، فهو عنده فريضةٌ على مَنْ كان فيه موضعَ الأمانة". (١)

أقول: كلامُ الإمام من الغد بيانٌ لقوله قبله: "ما كلُّ الناس كان عالِمًا"، وكلامُه كلُّه مؤْذِنٌ بأن المرادَ بطلب العلم تحصيلُ المسائل وفهمُها وتنزيلُها، وذلك لا يلاقي تفسيرَ مَنْ فسَّر العلمَ بمعرفة قواعد الإسلام والسؤال عن جزئياتها.

تنبيه: قال السندي في شرح سنن ابن ماجه عن السخاوي: "ألْحَقَ بعضُ المصنفين بآخر هذا الحديث "ومسلمة"، وليس لها ذكرٌ في شيء من طرقه". (٢)

[[روايات الحديث]]

الرواية الأولى: "طلبُ العلم فريضة على كل مسلم"، رُوِيَ مرفوعًا عن أنس وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وعلي وجابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري. قال السيوطي في جمع الجوامع وفي الجامع الصغير: أخرجه ابن عدي في كامله


(١) انظر كلام مالك وتعليق ابن رشد عليه في: البيان والتحصيل، "كتاب الجامع الثامن"، ج ١٨، ص ٤٢٥ - ٤٢٦.
(٢) السندي، أبو الحسن الحنفي: سنن ابن ماجه بشرح السندي وبحاشيته تعليقات مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه للبوصيري، تحقيق خليل مأمون شيحا (بيروت: دار المعرفة، ١٤١٦/ ١٩٩٦)، ج ١، ص ١٤٧. وانظر أصل هذا النقل في: السخاوي، شمس الدين محمد بن عبد الرحمن: المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة، صححه وعلق عليه عبد الله محمد الصديق (بيروت: دار الكتب العلمية، ط ٢، ١٤٢٧/ ٢٠٠٦)، ص ٣٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>