للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأغرب من ذلك أنه لم يأت بالاسم الثاني معطوفًا على المضاف إليه، بل جاء به مفعولًا معه. وهذا لا نَظير له، وإن كان صحيحًا من جهة المعنى؛ لأن فيه قضاء حقِّ معنى كلا فهو مساوٍ للعطف.

[توسعه في العروض وفي الضرورة]

على أن بشارًا لم يقتصر شعرُه على التوسع في اللغة والاشتقاق فحسب، بل كان يتوسع في العروض أيضًا، فلم يقتصر على قوانين الخليل بن أحمد عَصري بشار، فهو في ذلك مثل أبي العتاهية عصريّه، فإنه نظم قصيدة يقول فيها:

عُتْبَ ما للخيال ... خبِّرْني ومالي

عتْبَ مالي أراه ... طَارِقًا من ليالي (١)

فقيل له: خالفْتَ العروض، فقال: "سبقتُ العروض".

فقصيدة بشار التي أولها:

تَحَمَّلَ الظَّاعِنُونَ فَادَّلَجُوا ... وَالقَلْبُ مِنِّي الغَدَاةَ مُخْتَلَجُ (٢)

من بحر المنسرح، والمعروف في المنسرح أن تكون عروضُه صحيحة وضَرْبُه مطْوِيًّا:

مستفعلن مفعولات مستفعلن ... مستفعلن مفعولات مفتعلن

وبشارٌ استعملها بعروض مَطْوِيّة وضرْبٍ مطوِيّ، فعروضها مفتعلن وضربها مفتعلن في جميع أبياتها، ولو اقتصر على ذلك في البيت الأول لاغْتُفر؛ لأن القصيدة إذا وقع فيها التصريح، وهو مجيءُ مصراعها الأول مقفَّى كالمصراع الثاني


(١) الموشحات الأندلسية - سليم الحلو - ML ٣٣٢ H ٩١٧ ديوان أبي العتاهية، ج، ص.
(٢) ديوان بشار بن برد، ج ١/ ٢، ص ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>