للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الذبِّ عن السنة بالتزام إخراج ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذلك بنقد الرواة وضبط أحوالهم، وعرض مروياتهم على أصول الشريعة ومشهور السنة.

[الاهتمام بتدوين ما صحت روايته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -]

أولُ مَنْ ألف كتابًا عن شرط صحة السند هو الإمام مالك بن أنس رحمه الله، ألف كتاب الموطأ، فالموطأ أولُ تأليفٍ ظهر في الإسلام. وقد قيل إن عبد الملك بن جريج المكي أولُ من ألف، ولعل كتاب ابن جريج لم يتم أو لم يظهر. وليس البحثُ عن تحقيق كون كتاب ابن جريج أولَ كتاب أُلف، أو كون الموطأ أولَ كتاب ألف، بكبيرِ الجدوى.

وقال بعضُ العلماء: ألف مالك الموطأ بالمدينة، وألف ابنُ جريج بمكة، والأوزاعي بالشام، وسفيان الثوري بالكوفة، وحماد بن سلمة بالبصرة، وهُشيم [ابن بشير] بواسط، ومعمر بن راشد باليمن، وعبد الله بن المبارك بخراسان، وجرير بن عبد الحميد بالري. وكان هؤلاء في عصر واحد، فلا يُدْرَى أيُّهم سبق.

وأيًّا ما كان ذلك، فإن أول كتاب هو الآن موجودٌ ومرويٌّ عند أهل العلم هو كتابُ الموطأ. وقد اختلفت الأمصارُ في طريقة تدوين الأثر قوة وضعفًا، وكان أهلُ المدينة أوثقَ أهل الأمصار طريقة وأعلمهم بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنها دارُ الإسلام ومهبط الوحي، وبها كان أعيانُ الصحابة الذين لم يشغلهم عن العلم شاغل. فكانت المدينةُ مرجعَ علماء الأمصار الإسلامية في تلقِّي السنة، وكانت سمعةُ الواحد من أهل الحديث تزيد وعلمُه ينضج بمقدار ما يحصله من الأخذ عن علماء المدينة. ومرجعُ شروط الصحة عند أهل الحديث ثلاثةُ شروط:

الأول: تحقيق أمانة الراوي فيما رواه، وتندرج تحت هذا شروط عدالة الراوي وسلامته من الابتداع.

الثاني: تحقيق عدم الالتباس والاشتباه عليه، وإلى هذا ترجع شروطُ قوة تمييز الرواة ليعلم تباعدهم عن التدليس ويقظتهم من الغفلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>