للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاعلم أن هذا الفرضَ الكفائي قد يؤول إلى تعيين، ويتعيَّنُ على مَنْ قصده أحدٌ بالاستنصاح. ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "حقُّ المسلم على المسلم ست"، فذكر منها: "وإذا استنصحك فانصحْ له". (١) وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا"، فذكر منها: "وأن تُناصِحوا مَنْ ولاه أمْرَكم". (٢)

[قبول المنصوح للنصيحة]

في صحيح البخاري عن عُبيد الله بن عدي بن الخيار أن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود قالا له: "ما يمنعك أن تكلم عثمان (أي ابن عفان الخليفة) في أخيه (الوليد بن عقبة، كان أخا عثمان لأمه)، فقد أكثر الناسُ القولَ فيه؟ قال عبيد الله: فقصدت عثمان حين خرج إلى الصلاة، قلت: إن لي إليك حاجة وهي نصيحة، فقال لي: "يا أيها المرء. . .! "، فرجعت فأخبرتهما بما قال، فقالا: قد قضيتَ الذي عليك. فبينا أنا جالس إذ أتاني رسول عثمان، فأتيته فقال: "ما نصيحتك؟ . . ." إلى آخر الخبر (٣). فإذا لم يقبل المنصوحُ النصيحة انتقل النظرُ إلى إجراء أحكام تغيير المنكر.


(١) وتمامه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "حق المسلم على المسلم ست"، قيل: ما هن؟ يا رسول الله! قال: "إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه". صحيح مسلم، "كتاب السلام"، الحديث ٢١٦٢/ ٥، ص ٨٥٧.
(٢) ليست هذه الرواية التي فيها قوله - عليه السلام -: "وأن تُناصِحوا من ولاه أمركم"، في الصحيحين، وإنما هي في الأدب المفرد، للبخاري، وعند أحمد في مسند أبي هريرة أنه قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا، ويسخط لكم ثلاثًا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا، وأن تُنَاصِحوا مَنْ ولَّاه الله أمرَكم. ويسخط لكم قيل وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال"". الأدب المفرد، الحديث ٤٤٢، مسند أحمد بن حنبل، الحديث ٨٧٩٩، ج ١٤، ص ٣٩٩ - ٤٠٠. ورواية مسلم بلفظ: "إن الله يرضى لكم ثلاثًا ويكره لكم ثلاثًا. فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا. ويكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال". صحيح مسلم، كتاب الأقضية"، الحديث ١٧١٥/ ١٠، ص ٦٨٠.
(٣) انظر تفاصيل ذلك في: صحيح البخاري، "كتاب فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -"، الحديث ٣٦٩٦، ص ٦٢١؛ "كتاب مناقب الأنصار"، الحديث ٣٨٧٢، ص ٦٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>