للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - فن المعاني، وهو المسائل التي بمعرفتها يستطيع المتكلمُ أن يُعَبِّرَ عن جميع مراده بكلام خاص. وسُمِّيَ علم المعاني؛ لأن مسائلَه تُعلمك كيف تفيد معانِيَ كثيرة في ألفاظ قليلة، إما بزيادة لفظ قليل يدل على معنى حقُّه أن يؤدى بجمل، مثل صيغة إنما في الحصر، وكلمة إن في التأكيد ورد الإنكار معًا. وإما بأن لا يزيد شيئًا، ولكنه يرتِّب الكلامَ على كيفية تؤدي بذلك الترتيب معنًى زائدًا، مثل تقديم المفعول والظرف لإفادة الحصر في نحو: الله أحد، وإياك نعبد. وهذا الفن هو معظم علم البلاغة.

٢ - وفن البيان، وهو المسائل التي بمعرفتها يُعرف وضوحُ الدلالة على المراد كقولك: عنترة أسد، وحاتم كثير الرماد.

٣ - وفن البديع، وهو المسائل التي تبحث عن المحسنات اللفظية كما تقدم.

فتعريفُ علم البلاغة: هو العلمُ بالقواعد التي بها يُعرف أداءُ جميع التراكيب حقَّها، وإيرادُ أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها، وإيداعُ المحسنات بلا كُلفة مع فصاحة الكلام.

[تاريخ علم البلاغة]

كان هذا العلمُ منثورًا في كتب تفسير القرآن عند بيان إعجازه، وفي كتب شرح الشعر ونقده، ومحاضرات الأدباء، من أثناء القرن الثاني من الهجرة. فألف أبو عبيدة معمر بن المثنى (المتوفَّى سنة ٢٠٩ هـ أو ٢١٠ هـ) كتاب "مجاز القرآن"، وألف الجاحظ عمرو بن بحر (المتوفَّى سنة ٢٥٥ هـ) كتبًا كثيرةً في الأدب. وكان بعضٌ من هذا العلم منثورًا أيضًا في كتب النحو، مثل كتاب سيبويه. ولم يُخَصَّ بالتأليف إلا في أواخر القرن الثالث، إذ ألف عبد الله بن المعتز الخليفة العباسي (المولود سنة ٢٤٧ هـ والمتوفَّى سنة ٢٩٦ هـ قتيلًا بعد أن بويع له بالخلافة ومكث يومًا واحدًا خليفة (١)) كتاب البديع أودعه سبعة عشر نوعًا وعد الاستعارة منها.


(١) من مؤلفاته كتاب "البديع"، و"طبقات الشعراء المحدثين"، وديوان شعر.

<<  <  ج: ص:  >  >>