تنبيه: هذه الاستعمالات المذكورة في المسألتين من قبيل المجاز المركَّب المرسل، والعلاقة العامة في جميعها هي اللزوم ولو بعيدًا، وقد تُتطلب لبعض استعمالاته علاقاتٌ أخرى بحسب المواقع.
المسألة الثالثة: قد تُستعمل صيغُ الإنشاء في مَنْ حالُه غيرُ حالِ مَنْ يُساق إليه ذلك الإنشاء، كأمر المتلبس بفعل بأن يفعله نحو:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[النساء: ١٣٦]، وكنهي من لم يتصف بفعل عن أن يفعله نحو:{وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ}[إبراهيم: ٤٢].
والقصد من ذلك طلبُ الدوام، فينزل المتصف منزلةَ غير المتصف تحريضًا على الدوام على الاتصاف.
وكنداء المقبل عليك، نحو قولك للسامع:"يا هذا". ونداء مَنْ لا ينادى بتنزيله منزلةَ مَنْ ينادى نحو:{يَاحَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ}[يس: ٣٠] أي: احضري فهذا موضعك. وهذه مجازات ظاهرة وتفريعها سهل.
هذا نهايةُ القول في الأبواب المختصة بذكر الأحكام البلاغية التي تعرض للمفردات في حال تركيبها. ومن الأحكام ما هو عارض للجمل المؤتلف منها الكلام البليغ تفريقًا وجمعًا، وتطويلًا واختصارًا. وقد خص لذلك بابان: باب الوصل والفصل وباب الإيجاز والإطناب والمساواة. وها أنذا شارع فيهما إكمالًا لأبواب علم المعاني.
[الوصل والفصل]
الوصل عطف بعض الجمل على بعض، والفصل تركه. وحقُّ الجمل إذا ذكر بعضُها بعد بعض أن تُذكر بدون عطف؛ لأن كلَّ جملة كلام مستقل بالفائدة، إلا أن أسلوب الكلام العربي غلب فيه أن يكون متصلًا بعضُه ببعض بمعمولية العوامل