للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتجاوز ذلك إلى شرح ما رآه محتاجًا إلى البيان. فجاء صاحبُ الواضح، فعقب على تسعة عشر بيتًا مما فسره ابن جني في "الفسر الكبير"، وزاد فشرح بيتًا بعدها خفِيَ معناه، ولم يأت فيه بكلامٍ لابن جني.

[طريقة هذا الكتاب]

هذا الكتابُ - على صغر حجمه - وفيرُ الفائدة، مصادِفٌ الصوابَ في معظمه، على ما مزج به نقدَ كلام ابن جني من لذعٍ في مواضع كثيرة. وقدم في أوله إلمامةً بحال أبي الطيب المتنبي من نشأته في الشعر. وقد تلقَّى أخبارَه عمن شاهدوا المتنبي من البغداديين والشاميين والشيرازيين، وجاء بكلمةٍ جامعة في وصف شعره وصفًا جامعًا في بضعة سطور (١).

[ترتيب الأبيات التي فسرها في هذا الكتاب]

من استقرى هذا الكتاب يتبين له أن المؤلفَ التزم ترتيبَ الأبيات على ترتيب القوافي بحروف المعجم؛ لأن ذلك صنيعُ ابن جني في "الفسر الصغير"، حسبما قاله أبو البقاء العكبرى في شرح أول بيت من الديوان (٢). ولم يشذَّ عن ذلك إلا في شرح


(١) وذلك في قوله: "جملةُ القول في المتنبي أنه من حُفَّاظِ اللغة ورُوَاةِ الشعر، وكلُّ ما في كلامه من الغريب مستقاةٌ من الغريب المصنف سوى حرف واحد هو في كتاب الجمهرة، وهو قوله:
[وَأَمْضِي كَمَا يَمْضِي السِّنَانُ لِطِيَّتِي] ... وَأَطْوِي كَمَا يَطْوِي المُجَلَّحَةُ العُقْدُ
وأما الحكم عليه وعلى شعره، فهو سريع الهجوم على المعاني، ونعتُ الخيل والحرب من خصائصه، وما كان يُرَادُّ طبعُه في شيء مما يُسمح به، يقبل الساقطَ الردَّ كما يقبل النادرَ البِدْع. وفي متن شعره وهيٌ، وفي ألفاظه تعقيد وتعويض". الواضح، ص ٢٧ - ٢٨. وانظر البيت هو الثالث عشر من قصيدة يمدح فيها المتنبي محمد بن سيار بن مكرم التميمي، والطية هي المكان الذي تُطوى إليه المراحل، والمجلحة الذئاب المصممة في هجومها على فريستها. البرقوقي: شرح ديوان المتنبي، ج ٢، ص ٩٥. و"الغريب المصنف" هو كتاب من تأليف أبي عبيد القاسم بن سلام الهروي المتوفى سنة ٢٤٤ هـ وقيل ٢٢٣ هـ، وقد طبع عدة مرات بأكثر من تحقيق.
(٢) العكبري، أبو البقاء: التبيان في شرح الديوان، تحقيق مصطفى السقا وزميليه (القاهرة: مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر، ١٣٥٥/ ١٩٣٦)، ج ١، ص ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>