للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيتين: أحدهما على قافية الزاي، وثانيهما على قافية الدال، أقحمهما بين الأبيات التي من قافية الميم، ولعل ذلك نشأ عن خلطٍ في أوراق الأصل الذي نسخ منه ناسخُ هذا الشرح. ولما أفضى إلى الكلام على ما وقع لابن جني في "الفسر الكبير" (١)، جاء ترتيبُ الأبيات مشوَّشًا غيرَ جار على شيء من طريقتي نسخ الديوان.

ونُسَخُ ديوان المتنبي مختلفةُ الترتيب؛ فمنها ما هو مرتَّبٌ على أزمان القصائد وبحسب من قيلت فيهم، وهو أصلُ الترتيب الذي رتب عليه أبو الطيب ديوانه، قال الواحدي في شرحه المرتب على الأغراض في آخر شرحه: "هذا آخر ما اشتمل عليه ديوانُه الذي رتبه بنفسه". (٢) وتلك الطريقةُ التي اقتفاها جمعٌ من الشارحين، مثل المعري في شرحه الذي سماه "معجز أحمد"، والواحدي، وابن سيده. ومن نسخ الديوان ما رُتِّبَ على حروف المعجم بحسب قوافي القصائد، وعلى ذلك بنى المعريُّ شرحَه المسمى "اللامع العزيزي"، وأبو البقاء العكبري، والخطيب التبريزي.


(١) انظر البيتين في: الواضح في مشكلات شعر المتنبي، ص ٧٤ - ٧٥.
(٢) هذه العبارة بداية خاتمة الواحدي لشرحه، وقد أوردها كاملة العلامة محمود محمد الطناحي عليه رحمة الله (في مقال له بعنوان "المتنبي وتحقيق التراث" نشر بالعدد ٤٤٠ لمجلة العربي، الصادر في شهر يوليو ١٩٩٥)، نقلًا عن مخطوطة لشرح الواحدي منسوخة سنة ٦٨٠ هـ، ونصها: "هذا آخر ما اشتمل عليه ديوانه الذي رتبه بنفسه، وهو خمسة آلاف وأربعمائة وأربع وتسعون قافية. وكان الفراغ من هذا التفسير والشرح اليوم السادس عشر من شهر ربيع الآخر، سنة اثنتين وستين وأربعمائة. وإنما دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب مع خمول الأدب وانقراض زمانه، اجتماعُ أهل العصر قاطبة على هذا الديوان، وشغفهم بحفظه وروايته، والوقوف على معانيه، وانقطاعهم عن جميع أشعار العرب - جاهليها وإسلاميها - إلى هذا الشعر، واقتصارهم عليه في تمثلهم ومحاضراتهم وخطبهم ومقاماتهم، حتى كأن الأشعار كلها فقدت، وليس ذلك إلا لتراجع الهمم وخلو الزمان عن الأدب، وتقاصر الرغبات، وقلة العلم بجوهر الكلام ومعرفة جيده من رديئه، ومطبوعه من متكلفه". وقد خلت عن هذه الخاتمة نشرةُ شرح الواحدي لديوان المتنبي التي صدرت في برلين سنة ١٢٧٦/ ١٨٦٠ بعناية المستشرق فريدرخ ديتريصي. وما يؤسف له أن هذا الشرح المهم لم ينهض لتحقيقه أحد من أبناء العروبة فيما أعلم!

<<  <  ج: ص:  >  >>