للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[علاقة بشار بإفريقية]

إن ولاية يزيد بن حاتم وابنيه داود وروح أمراء على القيروان - وهم من أشهر ممدوحي بشار بالقصائد الغرّ - لَهِيَ أوثقُ سبب يصل شعرَ بشار بأرض إفريقية، إذ يكون شعره قد أنشد بالقيروان: إما مرسلًا من الشاعر إليهم أو إلى بعضهم، وإما مَرْويًّا في جملة ما يفخر هؤلاء الأمراء الثلاثة به على أقرانهم ورعاياهم.

ثم كانت لشعر بشار صلةٌ أخرى بإفريقية، وذلك حين ورد إليها ما اختاره الأخوان محمد وسعيد الخالديان (١)، فأُولِع به إسماعيل بن أحمد التُّجِيبي


(١) الخالديان هما الأخوان الشاعران أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد، ابنا هاشم بن وعلة بن عرام بن عثمان بن بلال، من قرية من قرى الموصل تعرف بالخالدية. شاعرا سيف الدولة، كانا كفرسي رهان في قوة الذكاء، وسرعة النظم وجودته، يتشاركان في القصيدة الواحدة. ومحمد هو الأكبر، قدم دمشق في صحبة سيف الدولة بن حمدان. وهما من خواص شعرائه، اشتركا في شيء كثير، وكان سري الرفاء يهجوهما ويهجوانه. ولمحمد:
البَدْرُ مُنْتَقِبٌ بِغَيْمٍ أَبْيَض ... هُوَ فَيهِ بَيْنَ تَخَفُّرٍ وَتَبَرُّجِ
كَتَنَفُّسِ الحَسْنَاءِ فِي المِرْآةِ ... إِذْ كَمُلَتْ مَحَاسِنُهَا وَلَمْ تَتَزَوَّجِ
ولسعيد:
أَمَا تَرَى الغَيْمَ يَا مَنْ قَلْبُهُ قَاسِي ... كَأَنَّهُ أَنَا مِقْيَاسًا بمِقْيَاسِ
قَطَرٌ كَدَمْعِي وَبَرْقٌ مِثْل نَارِ أَسًى ... فِي القَلْبِ مِنِّي وَرِيحٌ مِثْل أَنْفَاسِي
ونظم فيهما أبو إسحاق الصابي:
أَرَى الشَّاعِرَيْنِ الخَالِدَيَّيْنِ سَيَّرَا ... قَصَائِدَ يَفْنى الدَّهْرُ وَهيَ تَخْلُدُ
هُمَا لاجْتِمَاعِ الفَضْلِ رُوحٌ مُؤَلَّفٌ ... وَمَعْنَاهُمَا مِنْ حَيْثُ مَا شِئْتَ مُفْرَدُ
"كانا شاعرين أديبين حافظين على البديهة. وكانا مع ذلك إذا استحسنا شيئًا غصباه صاحبه حيًّا كان أو ميتًا، لا عجزًا منهما عن قول الشعر، ولكن كذا كانت طباعهما. وقد عمل أبو عثمان شعره وشعر أخيه قبل موته، وأحسب غلامًا يُعرف برشاء عمله أيضًا نحو ألف ورقة". ابن النديم: الفهرست، ص ٢٠٧ - ٢٠٨. توفيا قبل سنة سبع وسبعين وثلاثمائة. من مصنفاتهما كتاب "أخبار الموصل" و"أخبار أبي تمام" و"المختار من شر بشار" وغير ذلك في الأدب والتاريخ والأخبار. الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج ١٦، ص ٣٨٦ - ٣٨٧. وقد جاءت الأبيات السابق ذكرُها بألفاظ مختلفة، كما بين محقق "السير" في الحاشية.

<<  <  ج: ص:  >  >>