شثن القدمين، ضامرَ وسطهما، أملسهما، لا نتوء فيهما ولا شقوق، قليل لحم العقب ولم يرد وصف أظفاره. وورد في بعض الآثار أن سبابة رجليه أطولُ من وُسْطَيَيْهما. وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا مشى يتقلع كأنما ينزل من مكان منحدر، سريعًا في مشيته. إذا التفت التفت جميعًا. جل نظره الملاحظة، أي لا يوجه نظره إلى الشيء بحدة، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى فوق، ضحكه التبسم، وربما ضحك حتى تبدو نواجذه.
وكان كلامه ترتيلًا بحيث لو شاء أحد أن يكتب كلامه لم يفته. وكان أكثر جلوسه في المجلس الاحتباء، وربما اتكأ على وسادة. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس خلقًا، كما قال الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤]، وقالت عائشة رضي الله عنها:"كان خلقه القرآن". (١)
وكان أرجحَ الناس عقلًا، وأفصحَهم لسانًا، وأبلغَهم معنى، وأجودَهم فطنة، وأصفاهم سريرة، وأحسنَهم عفوًا، وأكثرَهم صبرًا، وأسخاهم، وأسمحَهم، وأشجعَهم، شديدَ الحياء إلا في الحق، كثيرَ الإغضاء عن الفلتات، حسنَ المعاشرة، رحيمًا بالناس، رفيقًا بهم، أصدَقهم قولًا وأوفاهم عهدًا، شديدَ التواضع، كثيرَ الاحتمال على أذى المشركين، شديدَ الغلظة على الظالمين والمعتدين على الحق، لا ينطق بفاحش القول، غيرَ هياب للملوك والجبابرة، ويتنازل للضعفاء والمساكين، ويمزح ولا يقول إلا حقًّا.
[أسماؤه الشريفة]
أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنوان ما فيه من الفضائل والمكارم، فلا جرم أن كان أكثرَ الخلق أسماء. وإن كان حقيقة بأن تعد صفاته أسماء؛ لأنها بلغت فيه منتهى حقائقها، فكانت صفاته دالة على ذاته. وقد أحصى بعضُ العلماء منها ثلاثمائة اسم، ويجمع كثرتَها خمسةُ أسماء. فقد روى الإمام مالك رحمه الله في الموطأ عن ابن شهاب