للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ترجمة مؤلف كتاب الواضح]

قد علمتَ أنه قد تحصل من مجموع ما تقدم أن مؤلفَ هذا الكتاب هو أبو القاسم عبد الله بن عبد الرحمن الأصفهاني، وأنه يؤخذ من ديباجة الكتاب وأواخره أنه كان موجودًا في سنة ٣٣٦ هـ؛ لأنه حدَّث عن الحلبي عبد الواحد اللغوي المتوفَّى سنة ٣٥١ هـ، ولا يكون مُتأهِّلًا للرواية عنه إلا وهو لا يقل سنُّه عن خمس عشرة سنة، والبغدادي قال في خزانة الأدب: "وهذه ترجمة المتنبي نقلتُها من كتاب إيضاح المشكل من شعر المتنبي من تصانيف أبي القاسم عبد الله بن الرحمن الأصفهاني، وهو مِمَّنْ عاصر ابنَ جني". (١) وقد صرح المؤلفُ في أثناء هذا الكتاب بأنه روى عن أبي الفتح بن جني، وعن ابن النجار (محمد بن جعفر التميمي المتوفى سنة ٤٠٢ هـ)، وأنه ألحق ما ألحقه من الأبيات بعد تمام سنة ٤١٠ هـ. فيكون قد عمر أزيد من خمس وسبعين سنة، ولا يُعرف عامُ وفاته بعد استقصاء البحث في مظان ذلك.

وأبو القاسم مكينٌ في الأدب والبلاغة، تُنْبِئُ عن ذلك منازعُه في معاني الشعر، وتنظيراتُه من أبيات الشعراء ومعانيهم. وشاهدُنا على ذلك كلماته في فضيلة النظم وتشريفه في شرح قول المتنبي:

كَأَنَّ شُعَاعَ عَيْنِ الشَّمْسِ فِيهِ ... فَفي أَبْصَارِنَا عَنْهُ انْكِسَارُ (٢)

فكلامُه هنالك (٣) سابقٌ على كلام عبد القاهر في الفصل الأول من فصول


(١) البغدادي: خزانة الأدب، ج ٢، ص ٣٤٧.
(٢) ديوان المتنبي شرح البرقوقي، ج ٢، ص ٢١٣. والبيت هو التاسع والخمسون من قصيدة أنشأها المتنبي حين أوقع سيف الدولة ببني عقيل وقشير وبني العجلان وبني كلاب حين خرجوا عليه.
(٣) قال أبو القاسم الأصفهاني: "اعلم أن المعاني مطروحةٌ نَصْبَ العين وتُجاهَ الخواطر، يعرفها نازلةُ الوَبَر وساكنة المدر. والقرائح تشترك فيها، وإنما المعنى في سهولة مخرج اللفظ وكثرة الماء وجودة السبك. وأنا أُنشدك أبياتًا معناها واحد، إلا أن تفاوتها في اللفظ عظيم. . ." الأصفهاني، أبو القاسم عبد الله بن عبد الرحمن: الواضح في مشكلات ضعر المتنبي، تحقيق سماحة الأستاذ الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور (القاهرة: دار السلام، ط ١، ١٤٣٠/ ٢٠٠٩)، ص ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>