للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطاب في جامع عقبة خلال زيارة الفرع الزيتوني بالقيروان (١)

الحمد لله الذي جعل العلمَ نبراسَ هدى، وأيد من تأزَّر بمجده وارتدى، والصلاة والسلام على رسوله الذي جمع البأسَ والنَّدى، وأصحابه القائمين بنصره لقمع العدا، وأئمة دينه الذين لم تخل سماءُ الفضل من كوكبٍ منهم بدا، وأبى الله أن يذهب إرشادُهم سدى، فقام عمادُ الحق بهم قيامًا سرمدا.

أما بعد، فأنا مغتبِطٌ بحلولي في هذا المعهد الجليل الذي طالما زُخرفت به بحار، ومدت شجرةُ ثقافته ظلَّها الوارفَ فأثمرت فطاحلَ كانوا غرر الزمان، وسموا إلى أوجٍ دونه أوجُ كَيْوان (٢). وخبرُ ذلك يدور مجملًا مدارَ الاستفاضة، ويلقاه مفصَّلًا مَنْ متع في رياض التاريخ سمعه وألحاظه، فإطالةُ التنويه به تُعدُّ إطنابًا، وتفصيل آثار مجده لا يعد من المبالغة عسابا، ولكن صرف الدهر ضرب


(١) المجلة الزيتونية، المجلد ٦، الجزآن ٢ - ٣، ١٣٦٤/ ١٩٤٥ (ص ٤٠٧ - ٤٠٨).
(٢) كلمة من أصل سرياني، تطلق على كوكب زحل. قال القحطاني في نونيته:
وَالزُّهْرَةُ الغَرَّاءُ مَعَ مريخهَا ... وَعُطَاردُ الوَقَّادُ مَعَ كَيْوَان
نونية القحطاني (القاهرة: دار الحرمين، ط ١، ١٤١٨/ ١٩٩٨)، ص ٢٦. والقحطاني هو أبو محمد عبد الله بن محمد القحطاني، فقيه وحافظ أندلسي مالكي من أهل القرن الرابع الهجري، سمع بالأندلس من ابن وضاح وقاسم بن أصبغ وغيره، وبالمغرب من بكر بن محمد التاهرتي. رحل للحج، فسمع بمصر من أصحاب يونس بن عبد الأعلى وأبي إبراهيم المزني، وبالحجاز من أبي سعيد بن الأعرابي، وبالشام من خيثمة بن سليمان الأطرابلسي، وبالجزيرة من أصحاب عليّ بن حرب، وببغداد من إسماعيل بن محمد الصفار، وتوجه إلى أصبهان وورد نيسابور في ذي الحجة ٣٤١ هـ، ثم إلى بخارى حيث توفي في رجب ٣٨٣ هـ، وقيل عام ٣٧٨ هـ. اشتهر بنظمه قصيدته النونية.

<<  <  ج: ص:  >  >>