نصبَ الناظر على كل وقف. ولكن هذا المذهب لا يلزم الجريُ على مقتضاه، إذا تبينت المصلحة في الجري على غيره من مذاهب الأئمة. وإذا ظهر لزوم بقاء نظار الوقف، فليكَوِّنوا لهم إدارة.
وأما كثرةُ الخصومات، فقدرٌ مشترَك في الحقوق التي فيها شركاء. وأما الإجبار على البقاء على الإشاعة، فليس كذلك؛ لأن لمستحقي الوقف قسمتَه قسمةَ انتفاع. ويُجبر على القسمة مَنْ يأباها على قواعد المذهب المالكي، فيجب إجراءُ أحكام الوقف على مقتضى هذا المذهب.
وإذ قد نفينا عن الوقف الخاص ما يُتوهم منه أنه مشتمِلٌ على مفاسد، فنحن نحيل بيانَ ما فيه من المصالح على ما يشتمل عليه الفصل بعد هذا. وأما مخالفة الفرائض الشرعية، فهذا ما استند إليه شريح، وزيفه جمهرةُ الفقهاء فزاف.
هل الوقف خرمٌ لنظام الاقتصاد العام؟
قال حضرة النائب المقترح:"إن عدد الأوقاف الأهلية في تزايد، فهو يجري سريعًا نحو الحجر على جميع سكان القطر، وعلى إخراج جميع ثروته من التعامل".
ومرجع هذه النظرية إلى أن الوقف مانعٌ للأمة من التداين، ومن حيث إن الأوقاف لا تصلح لأن تكون رهنًا في البنوك وعند المرابين. ولعل هذا ينقلب تأييدًا لفائدة الوقف، وترغيبًا فيه؛ إذ لا يخفى ما في تداين أمة ضعيفة يداينها أصحابُ رؤوس أموال قوية من الخطر المهدِّد لها بالإفلاس. وقد رأينا ما للأوقاف من الفائدة للأمة في أمثال هاته الأحوال، فإن أرضها لم يسلم منها من مزاحمة المنافسين فيها من أصحاب رؤوس الأموال إلا الأرضون الموقوفة وقفًا أهليًّا، وأما الأرضون المملوكة فقد خرجت من أيدي أربابها اختيارًا بالبيع وبالرهن، مع عدم الوفاء بالدفع المفضي إلى أن يباع المرهون بالاختيار أو بالحكم.
على أن الثقة التجارية قد تحصل بوفرة أموال الأمة بوفاء تجارها بالتزاماتهم، وبإجراء تجارتهم على الأساليب العصرية، فإن كثيرًا من الأمم ذوات الثروة ليس